“الصيحة” تحفز الإبل المشاركة في “مزاينة مدينة زايد”
المرفأ- الظفرة، 17 ديسمبر 2025
تشهد منصة مزاينة مدينة زايد، المحطة الثالثة في مهرجان الظفرة، حضور واسع من مُلاك الإبل وعشاق المزاينات التراثية، حيث تعتلي الأصوات في أرجاء المكان من أجل تحفيز مطاياهم خلال تواجد لجنة التحكيم لتقييم الإبل المشاركة ورصد جمالياتها ووضع الدرجات.
وتسمى هذه الأصوات بـ “الصيحة”، لأن مالك المطية أو أحد أبناءه أو المقربين من المطية ينادون على مطيتهم باسمها وبأعلى صوتهم، لتلتفت لهم من بين المطايا الأخرى، فيشتد قوامها وترفع رأسها بشموخ في ذات الوقت تشعر المطية بالسكينة لأن مالكها قريب منها، الأمر الذي يسهم في حضورها بشكل مميز داخل شبوك المزاينة.
وتتعرف الإبل على نبرة صوت مالكها المميزة وتفرقها عن أصوات الآخرين، حتى عن بعد أو بين العشرات من صيحات الجمهور المتداخلة داخل مدرجات المنصة، فتلتفت نحوه وتعبر عن تجاوبها مع صاحبها، ويشكل ذلك صورة جمالية مميزة للعلاقة بين الإبل ومالكها، والمتأمل عن قرب يلاحظ ذلك، فمجرد توقف “الصيحة” تتوقف الإبل عن الالتفات ورفع الرأس وتعود إلى ما كانت عليه قبل ان تسمع صيحة مالكها.
ويقترن مسمى “الصيحة” بالصوت العالي الذي يطلقه مالك المطية أو أحد أبناءه أو المقربين من المطية، ويكون عادة باسم المطية، أو ربما أصوات معينة تعودت المطية على سماعها في العزبة وخلال الرعي وعند دعوتها لتناول الطعام أو شرب الماء وغير ذلك، فأصبحت هذه الكلمات وذبذبات الأصوات لغة تواصل فريدة، ولا يمكن لأي شخص من خارج محيط المطية أن يلفت انتباهها، حتى لو أدى نفس الكلمات.
وتعد “الصيحة من الأساليب المتعارف عليها في مزاينات الإبل، وخصوصاً خلال وقوفها أمام لجان التحكيم، وذلك حتى يلفت انتباهها عندما ينتابها الخمول والكسل وتخفض رأسها وتختفي مواطن جمالها، فتنشط الناقة بعد سماع الصوت وترفع رأسها بحثاً عن صاحبها فتبرز جمالها أمام لجنة التحكيم فيضمن صاحبها حصولها على جميع نقاط الجمال الموجودة في ناقته.
وللإبل مقدرة على معرفة صوت مالكها حتى لو كان وسط مئات الأصوات، فتنتبه وتبدأ في البحث عن مصدر هذا الصوت لتحديد موقع صاحبها، ورغم وجود مئات الأصوات التي يصيح بعضها بشكل متقطع وآخر ينادي بكلمات معينة، وآخر يصدر أصواتاً غير مفهومة أو ينادي باسم ناقته وأصوات غريبة وكلمات متداخلة موجهة نحو إبله، ومهما تداخلت الأسماء والأصوات وتعددت صيحات المشاركين من خارج أسوار لجنة التحكيم، فإن الإبل قادرة على الانتباه لصوت مالكها.
