تأهُّل البرازي والسبيعي من «الكويت» «شاعر المليون 12».. ليلة العبور إلى مرحلة الـ12.
.
المرفأ- أبوظبي، 30 ديسمبر 2025
شهد مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي ليلة عاشرة حافلة بجماليات القصيدة النبطية، تمكّن خلالها ثلاثة شعراء من متسابقي برنامج «شاعر المليون» في موسمه الثاني عشر من العبور إلى مرحلة الـ12، ضمن رحلة التنافس على بيرق الشعر.
وبالإضافة إلى تأهُّل الشاعر محمد مناور النفيعي من المملكة العربية السعودية، بتصويت الجمهور عن الحلقة السابقة، قررت لجنة التحكيم تأهُّل الشاعرين صالح البرازي وفارس العامري السبيعي من دولة الكويت، عن الحلقة العاشرة التي شارك فيها ستة شعراء، فيما ذهبت بقية الأسماء إلى أسبوع من تصويت الجمهور، لاستكمال عقد المتأهلين في مستهل الحلقة المقبلة، وفق آليةالبرنامج الذي تنتجه هيئة أبوظبي للتراث تحت شعار «قصيدنا واحد»، ويُبث مباشرة عبر قناتي «أبوظبي» و«بينونة»
وجاءت درجات لجنة التحكيم على النحو التالي: أحمد خليفة الكعبي (الإمارات) شاهر محمد الشراري (السعودية) 46/50، صالح البرازي )الكويت) 48/50، عيد فهيد الشمري (السعودية))46/50، فارس العامري السبيعي (الكويت) 48/50، مبارك حميد (المملكة المتحدة))45/50.
حضر «الحلقة العاشرة»، التي تُعد ثاني أمسيات المرحلة الثانية ، معالي فارس خلف المزروعي رئيس هيئة أبوظبي للتراث، وسعادة الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وسعادة محمد جمعة المنصوري المدير التنفيذي للخدمات المساندة بالهيئة، إلى جانب عضوي اللجنة الاستشارية بدر صفوق وتركي المريخي، ولفيف من المسؤولين وجمهور كبير من محبي الشعر النبطي. وقدّم الحلقة الإعلاميان فيصل الجاسم وسلامة المهيري، فيما حلّ ضيفاً على الأمسية الشاعر عباس جيجان في فقره حاوره فيها الشاعر فيصل العدواني، حيث قدم جيجان مجموعة من القصائد الوطنية و الإنسانية والغزلية لاقت تفاعلا من جمهور الحلقة.
معيار مختلف
في مستهل الحلقة، شرح الدكتور سلطان العميمي، عضو لجنة التحكيم، آلية التحدي في المعيار الثاني، والمتمثل في كتابة ثلاثة أبيات وفق نمط شعري يقوم على ثلاث قوافٍ مستلهمة من نموذج للشاعر الراحل ماجد بن صالح الخليفي، هي قافية للصدر، وقافية للعجز، مع حرف ثابت
في مطلع كل بيت. وأكد أن المطلوب هو الالتزام بالبناء الفني للنمط، مع حرية الموضوع والوزن والقافية، دون مجاراة النص حرفياً.
قراءات نقدية معمّقة
استعرضت قصائد الأمسية ست حكايات شعرية التقت عند جوهر إنساني واحد، أعاد فيه الشعر تعريف علاقة الإنسان بذاته وقيمه وارتباطه بالمكان.
وقدّمت لجنة التحكيم، المكوّنة من الدكتور غسان الحسن، والشاعر حمد السعيد، والدكتور سلطان العميمي، قراءات نقدية معمّقة توقفت عند البنية الفنية واللغة والصور الشعرية والدلالات الإنسانية. واستهلّ القراءات الشاعر أحمد خليفة الكعبي (الإمارات)، حيث رأى الدكتور غسان الحسن أن قصيدته انطلقت من موقف إنساني مؤلم، ونجح مطلعها في خلق أجواء الحزن والفقد، كما في قوله: «من غاب وجه الضيا والريح طفّى الفتيل .. أيقظت صوتي من الوحشة ونام السكات»، مشيداً بامتزاج الواقع بالخيال في صور بصرية متتابعة، ومتوقفاً عند الشطر اللافت: «الشعر جمره غضى في موقد الذكريات»، مع تسجيل ملاحظات لغوية محددة. من جانبه، اعتبر الدكتور سلطان العميمي أن القصيدة قائمة على صوت داخلي واحد، وبناء مشاهد جزئية مثل الإبر والغرفة والانتظار، مؤكداً أن الانتقال الزمني في ختامها: «لو يخلف العوق ميعاد الغرام الأصيل ..ما يخلف وعودنا في رحلة الأمنيات» نقل النص من الألم إلى أفق الأمل، فيما أثنى حمد السعيد على المدخل الشعري والتكرار المبرر في قوله: «ما غض لي طرف يا طرف العيون الكحيل ..من غض طرفك وغاب الوعي والعمر فات».
وعن الشاعر شاهر محمد الشراري (السعودية)، رأى الدكتور غسان الحسن أن قصيدته كُتبت بلغة قريبة من السينما الشعرية، مستشهداً بالمطلع: «ورا الأسوار لي دمع كريم ودعوة..»، مع ملاحظة على تكرار مفردة الدموع، مثل: «رثيته بالدموع وبالدموع وبالدموع إنصاف»، فيما أشاد حمد السعيد بصدق التجربة، متوقفاً عند البيت: «لكنّه ورّث عياله نباه وسموا حقوقي»، ورأى الدكتور سلطان العميمي أن النص عبّر عن إحساس الآخرين بدقة، كما في قوله: «كتبتك وانت لك معنى عميق وخاطري شفاف».
أما صالح البرازي (الكويت)، فقد عدّ حمد السعيد قصيدته من أبرز نصوص الأمسية لما حملته من صدق وقوة تعبير، كما في قوله: «شلل نصفك شلل كلي علي وحكايتك نبراس..يكفي نصفك الباقي يشيل عزوم نصفيني»، و«قبل لا تدن بأذني طفل الأول ثلاثيني»، مشيداً بخاتمتها: «أشابهك برضاك وهيبتك وبصادق الإحساس». وأكد الدكتور غسان الحسن الحرفة الشعرية العالية واختيار القافية المناسبة، فيما رأى الدكتور سلطان العميمي أن النص تجاوز المعاناة إلى إعلان القوة، كما في قوله: «تحررت ونطق وجه الشبه من بينك وبيني».
وفي قصيدة عيد فهيد الشمري (السعودية)، أشار الدكتور غسان الحسن إلى التوازنات البديعية والبحث عن الحقيقة خلف تعدد الروايات، مستشهداً بقوله: «ورثت أحلامكم بين العدود ونخلنا المنضود..وخلّت ضيوفكم تسكن فضاي ومرتعي بصباي»، فيما رأى الدكتور سلطان العميمي أن القصيدة وثّقت هوية المكان بأسئلة مفتوحة، كما في قوله: «أجا وسلمى بين تأويل الرواة»، وأشاد حمد السعيد بحضور الشاعر المسرحي، مؤكداً دلالة قوله: «أنا ابن الدار ماني بأجنبي تخشى منه منقود».
وبشأن فارس العامري السبيعي (الكويت)، نوّه حمد السعيد بالترابط القوي في قصيدته، متوقفاً عند الصورة المؤثرة: «طفل عبر بدمعاته على أردونه»، فيما رأى الدكتور غسان الحسن أن استحضار الشخصيات التراثية جاء بوصفه مفاتيح دلالية، كما في قوله: «إذا الظليل ظل الملك واستبكى على الأطلال»، وأكد الدكتور سلطان العميمي عمق الإحالات الثقافية، مشيراً إلى قوله: «مع أخوان نقيض أخوان يوسف كانوا بعونه».
أما مبارك حميد (المملكة المتحدة)، فقد أشاد الدكتور غسان الحسن بالبناء المتدرج لقصيدته من طرح الأزمة في قوله: «يزيد الحزن بأعماق القفار»، إلى الحل في الصورة اللافتة: «قبل لا يصبح الغصن الندي بالغاب مقبض فاس..رواهم علم وبحلم أثمروا في ظل بستانه»، فيما رأى حمد السعيد أن الشاعر حافظ على شعريته، وقدّم مشهداً إنسانياً مؤثراً في ختام الأمسية.
