الملقي يشارك في قمة المعرفة 2017 بدبي
بدعوة من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم/ نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة / رئيس مجلس الوزراء/ حاكم دبي شارك رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي “كضيف شرف” ومتحدث رئيس في قمة المعرفة 2017 التي بدأت اعمالها في دبي اليوم الثلاثاء بمشاركة عربية ودولية واسعة.
واكد رئيس الوزراء خلال كلمته في القمة التي افتتحها سمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، تحت شعار “المعرفة والثورة الصناعية الرابعة”، عمق العلاقات الأخوية الأكيدة والراسخة بين المملكة ودولة الامارات الشقيقة، وحرص قيادتين البلدين على بذل كل ما هو ممكن لتوفير سبل العيش الكريم لمواطنيها، ومواكبة كل جديد من الحداثة والتطور خدمة للأجيال الحالية والقادمة، ومستقبل واعد لشبابنا الطموح والمعطاء.
وقال ليس هنالك شك في حقيقة ان العالم يتغير، ونحن لا محالة سنتأثر بالثورة الصناعية الرابعة، سواء كنا على دراية بها أم لا، لكن السؤال الأهم هو “هل نحن جاهزون لاستيعابها وتوظيفها لخدمة وازدهار شعوبنا واوطاننا ؟”.
واكد اننا في الأردن، وبرؤية تفاؤلية، نرى أن الثورة الصناعية الرابعة بكل مكوناتها، جاءت لتمكين البشر، وليس لصعود الآلات والمكننة او الرقمنة في اطارها الضيق، وان العملية ليست تنافسية، بل تشاركية وتكاملية بين الانسان والآلة.
واعرب عن ثقته بأن العلوم والتطور التكنولوجي، سترسي نمطا ونهجاً جديدا في علاقات الشعوب والدول، وتعزز من مفاهيم السلم والازدهار والديمقراطية” وقد تتلاشى فكرة نشوب الحروب والنزاعات بين الدول على الموارد الطبيعية، في ظل هذه الثورة (فهناك قيمة مضافة أعلى، وكفاءة إنتاجية عالية، وجودة ودقة عالية، وضغط أقل على الموارد الطبيعية، وبالتالي رفاهية ومعيشة أفضل، وفرص اكبر ليعيش سكان العالم بأمن وسلام).
ولفت الى إن الذكاء الاصطناعي موجود اليوم في كل مكان من حولنا، من السيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة (بدون طيار) وبرمجيات الترجمة أو البرمجيات المستخدمة لاكتشاف أدوية جديدة، والتصاميم الحاسوبية والطباعة ثلاثية الابعاد، وهندسة المواد، والهندسة الوراثية والبيولوجيا التركيبية، والتجارة الالكترونية.
واشار الى ان الثورة الصناعية الرابعة ستحمل العديد من التطورات والاختراعات التي هي في طريقها الينا، ومنها مشاريع رقمية في التجارة وسيارات طائرة وسيارات بدون سائق وعالم خال من الاورام السرطانية.
واكد الملقي ان الأردن يدرك بان هناك الكثير من المخاوف حول تبعات هذه الثورة من حيث امن وحماية المعلومات، وما يثار بشأن احتمالية تزايد معدلات البطالة بين فئات الشباب والباحثين عن العمل ومدى قدرة الحكومات على التكيف مع متطلبات الحداثة والتطور لتنظيم اعمالها.
واضاف ” الا اننا في المقابل، نرى من هذه الثورة الصناعية، فرصا عظيمة وكبيرة لكل الدول وخاصة منطقتنا، فالإدامة وصيانة هذه التكنولوجيا سوف تحتاج فعلاً الى قدرات بشرية متميزة واختصاصات جديدة، مختلفة عن المعرفة والخبرات التقليدية التي اعتدنا عليها، وسيكون لدينا عالم من الروبوتات يفوق عدد الروبوتات في صناعة السيارات، ومراكز لبيع الاعضاء البشرية المطورة جينياً من نفس البشر وغيرها الكثير” .
واكد رئيس الوزراء، الحاجة الماسة، للتركيز بشكل اكبر ومكثف على جانب التنمية البشرية، وضمان وجود نظام تعليمي متطور ومرن، يحاكي التطور العلمي والتكنولوجي سيما وان التعليم والنظام التعليمي في اي دولة، هو المعيار الحقيقي لنجاح الدولة في جني ثمار التطور العلمي والثورة الصناعية، وما ستحدثه من نقلة نوعية في حياة وازدهار الشعوب.
ولفت الى ان الأردن بدأ بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية للأعوام ( 2016 – 2025) ليكون التعليم من أجل الازدهار، حيث أن الشباب في الأردن يشكلون ثلثي المجتمع وسيواجهون خلال السنوات القليلة القادمة سوق عمل ستكون متطلبات ما لا يقل عن ثلث الوظائف فيه وفق مهارات جديدة تختلف عن المعرفة التقليدية، ” ولهذا نسعى إلى توفير شباب مهرة يطبقون المعرفة وفق أحدث الأساليب التكنولوجية، ويمتلكون روح الريادة والابداع والتميز، بما يؤهلهم لاغتنام الفرص، وبما يساهم في إثراء الحراك المعرفي في المنطقة وليس فقط على مستوى الأردن”.
كما تبنى الأردن خطة لتحفيز النمو الاقتصادي للأعوام (2018-2022)، كهيكلة اقتصادية شاملة تفرز بنية متطورة قادرة على استيعاب مختلف مستجدات المعرفة، واستعادة زخم النمو المستدام وتعزيز منعة الاقتصاد الوطني، وتتضمن البناء على الإنجازات النوعية للثورة المعلوماتية في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعليم والبحث العلمي والإبداع، والطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الحافزة للنمو في الانتاج والبنى التحتية والمؤسسية والاجتماعية.
واكد رئيس الوزراء ان الأردن يولي اهتماماً كبيراً لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشكل عام، ولبرنامج الحكومة الإلكترونية بشكل خاص، لتسريع عملية التحول الإلكتروني للوصول إلى (حكومة لا ورقية)، والتكيف مع احدث الاتجاهات العالمية المبتكرة في صناعة التكنولوجيا.
واشاد الملقي بهذا الصدد بالإنجاز المتميز الذي اسس له صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم واخوانهم حكام الامارات في كافة مجالات التقدم والتطور وفي مجال التحول الالكتروني المتميز للإدارة الحكومية سعيا للإدارة الذكية.
وكان الامين العام لجائزة محمد بن راشد ال مكتوم جمال بن جويرب اكد ان قمة المعرفة تشكل حدثا معرفيا مرموقا على مستوى العالم، من خلال إطلاق مبادرات ومشاريع خلاقة، رسخت مبادئ الابتكار والإبداع في المجتمعات، وعملت على شحذ الهمم وتحفيز الجهود الإبداعية في جميع أنحاء العالم.
واعلن عن انطلاق مشروع جديد لمؤسسة محمد بن راشد ال مكتوم للمعرفة لتحدي الامية في الوطن العربي بالتعاون مع اليونسكو وبرنامج الامم المتحدة الانمائي بهدف مكافحة الامية.
وكرم سمو الشيخ حمدان بن محمد راشد ال مكتوم وسمو الشيخ احمد بن محمد بن راشد ال مكتوم الفائزين بجائزة محمد بن راشد للمعرفة والتي فاز بها مؤسسة ” مسك الخيرية ” السعودية إلى جانب كل من هيروشي كومياما من اليابان، وويندي كوب من مؤسسة التعليم للجميع.
وتهدف الجائزة الى الإسهام في بناء اقتصاد المعرفة والمحافظة على المنجزات الفكرية والإبداعية، من خلال تكريم أصحابها في مجالات إنتاج ونشر المعرفة المختلفة.
على صعيد متصل تحدث رئيس الوزراء خلال الجلسة الاولى للمؤتمر التي عقدت تحت شعار “صناعة القرار في ظل الثورة الصناعية الرابعة” والتي ادارتها وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الاماراتي ريم الهاشمي.
وحذر الدكتور الملقي من اقتصار حديثنا عن الثورة الصناعية الرابعة بالتطبيقات التي تنتجها هذه الثورة الصناعية ما يجعلنا في جانب المتلقي فقط وليس في جانب المبادر.
واكد رئيس الوزراء ان المطلوب لمواكبة هذه الثورة الصناعية الرابعة هو التركيز على تطوير التعليم وقدرتنا على الابداع والفكر العلمي، معربا عن اسفه بأن دولنا العربية تنفق اقل من اي مجموعة دول في العالم على البحث العلمي وبالتالي يصبح التعليم تلقينا لا يؤدي الى ابداع.
واشار الى ان الثورة الصناعية الرابعة ترتبط بثلاثة محاور رئيسة، هي: انتاج المعرفة وتطبيقها وادامتها وتطويرها، داعيا الى عدم اقتصار تجاربنا بالعالم العربي على التطبيقات حتى لا تكون مشابهة لتجاربنا في الثورة الصناعية الثالثة التي ابتعدنا فيها عن الابداع والانتاج او حتى تطوير المنتجات.
ولفت الى ان الثورة الصناعية الاولى كانت في معظمها مهارات، وجزء صغير منها معرفة لمخترعين قلائل ادت الى انتاج اجهزة ومعدات تسهيلية للناس ولكن بمعرفة قليلة، مؤكدا ان المعرفة في الثورة الصناعية الاولى جاءت اساسا من تاريخنا العربي والاسلامي “وكنا محتكرين تقريبا لهذه المعرفة”.
وفي الثورة الصناعية الثانية زادت نسبة المعرفة الى نسبة المهارة، وفي الثالثة أصبح هناك تساو بين المهارات والمعرفة، اما الثورة الصناعية الرابعة فهي عبارة عن معرفة متعددة ومهارات قليلة.
وأكد رئيس الوزراء انه لا بد خلال المرحلة القادمة ان نطور تشريعات وهيكلة الاقتصاد والهيكلة الاجتماعية والانسانية.
وقال: في الوقت الذي نستخدم فيه تطبيقات كثيرة من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة يبقى السؤال هل نطبقها بشكل سليم ولزيادة المعرفة ام فقط للتواصل الاجتماعي والتسلية، مؤكدا اهمية استخدام التطبيق الذي يؤدي الى زيادة المعرفة، وقال “نحن نشتري التجهيزات ولا نستخدم اكثر من 10 بالمائة من قدرة هذه التجهيزات”.
واكد اننا في الاردن نتابع النهضة الكبيرة التي تشهدها الامارات العربية المتحدة والاستخدام الذكي لأعلى مستويات التكنولوجيا تفكيرا وابداعا وانتاجا ومن أمثلتها الحكومة الالكترونية وحكومة لا ورقية والحديث الان عن الحكومة الذكية “وهذا موضع اعتزاز وفخر لكل العرب”.
وردا على سؤال حول المطلوب من الحكومات العربية لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، قال الملقي ان القدرة والامكانات متوفرة لدى الشباب ومن المهم ايضا ان تكون هناك ايضا النية الصادقة لاستخدامها والاستفادة من الامكانات والقدرات لديهم لرفع سوية الاقتصاد والنمو.
ولفت الى ان العالم في الثورة الصناعية الرابعة سيتجه نحو العقل ولن تكون الموارد الطبيعية في الثورة الصناعية الرابعة هي الاساس وانما الانسان سيكون اساسها وراس مال تطوير الدول.
وقال سنشهد تحولا من المصادر والموارد الطبيعية الى الموارد البشرية والعقل والابداع ولا بد ان نشعر اننا كشعوب عربية قادرون على احداث التغيير في بداية هذه الثورة حتى لا نواجه ما واجهناه في الثورة الصناعية الثانية حيث كنا خارجها مطلقا ولم نستخدم من الثورة الصناعية الثالثة سوى التطبيقات ولم ندخل في محاور انتاجها.
وأشار الى ان الثورة الصناعية الرابعة ستشهد نقاشا طويلا حول تركيز الثروة والبطالة وقد يستمر هذا الامر لفترة ما ولكنه لن يستمر طويلا لان نظام العرض والطلب لا زال موجودا ولن تلغي هذه التطبيقات الحديثة دور الانسان واعتقد انه وبعد سنوات قليلة سيتم انسنة هذه الثورة ولن تستمر دون ان تكون معتمدة على الانسان وتعمل من اجله ويشارك بها.
وقال ونحن نعمل نحو المشاركة في هذه الثورة الصناعية يجب علينا ان لا ننسى انه مطلوب منا المشاركة ليس فقط في التكنولوجيات الحديثة وانما في المهارات المتكاملة وبناء قدراتنا لنؤدي ادوارنا في زيادة حجم التكنولوجيا.
واكد اننا كدول عربية يجب ان لا نتخوف من الدخول في الثورة الصناعية الرابعة بحجة انها ستعرضنا للبطالة وستركز الثروة بين ايدي قلائل في الغرب “فنحن نستطيع ان نكون شركاء وقادرين على انسنة التكنولوجيا والتفاعل معها والاستفادة منها”.
وقال اذا ما احسنا بناء المواطن العربي فإن الثروة الحقيقية في العالم العربي هي الانسان وعلينا ان نركز على التعليم والبحث العلمي وان لا نسمح للتعليم عن طريق الانترنت ان يذهب لمسافات بعيدة اذ لا بد ان يكون هناك قدوة وعامل انساني للإشراف على العملية حتى نضمن ان يكون التطور انسانيا.
وردا على سؤال حول الاستدامة، اشار رئيس الوزراء الى انه ومنذ عدة قرون كان هناك استثمار كبير في التجهيزات الحديثة الطبية والالكترونية والسيارات ولكن لم نستطع خلال كل هذه الفترات من ادامة هذه التكنولوجيا، لافتا الى ان ما مقداره 10 مليار دولار ذهبت لصيانة وادامة التجهيزات في المنطقة، مؤكدا ان الاستدامة مهمة في المراحل الاولى حتى نستطيع مواكبة التطور، وقال المهم الادامة ونقل حقيقي للتكنولوجيا وتوظيف القوى البشرية القادرة على الابداع.
وحول دور الشباب في ظل الثورة الصناعية الرابعة، اشار الى ان الشباب محظوظون أكثر من الاجيال السابقة فأمامهم مجالات العلم مفتوحة بشكل اكبر ويجب عدم احباطهم او منعهم من التطوير الايجابي.
وقال علينا كدول عربية فتح المجال للشباب والاستفادة من خبراتهم وقدراتهم، مشيدا بما قامت به دولة الامارات العربية المتحدة سواء بتعيين وزراء في مجال الثورة الصناعية الرابعة او في مجال دعم الشباب، مؤكدا ان اجراءات تطبيق حقيقية للتكنولوجيا والانفتاح على العالم هي المدخل الرئيس لمنطقتنا العربية وان ريادتها وقيادتها ستصب في نهاية المسار بمصلحة الامة.
وكانت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الاماراتي ريم الهاشمي اكدت خلال بداية الجلسة ان الثورات الصناعية الثلاث الاولى كانت مقتصرة على حقبة نوعية وفئة معينة او في مجال حرفي متخصص، اما الثورة الصناعية الرابعة فهي تشمل كل الناس بكافة مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكل المجتمعات والحكومات لأنها تؤثر بشكل مباشر على كل اوجه الحياة.
واكدت اننا في الحكومات لا بد ان نشارك هذه المسؤولية مع مجتمعاتنا لضمان وضع الاطر التنظيمية والتشريعية والقانونية التي تتناسب مع هذه المتغيرات.