تحصين الجبهة الداخلية مطلب عاجل … ردينة العطي

743

وكالة المرفأ – بقلم / د. ردينة العطي

لقد اوضحنا في وقت سابق أن تحصين الجبهة الداخلية ورفع مستوى الوعي الجمعي للمواطن الأردني فيما يخص مفاهيم الوسطية والأعتدال ومحاربة الفكر المتطرف والعدمي يتطلب تكامل وطني بين جميع الهيئات والمؤسسات المدنية والشعبية والرسمية وشبه الرسمية .
وتحدثت في وقت سابق بأن الأردن سيتعرض لأخطار جمى وذلك نتيجة لمواقفه حول القضايا الإقليمية وخاصة القدس والقضية الفلسطينيّة وهنا يجب أن نتكلم بوضوح وصراحه ودون مواربة أو مهادنة لأن المرحلة تتطلب الشفافية الشاملة والوضح الكامل بالتعامل مع الأنسان الأردني.
أن أصغر قارئ للتطورات السياسية التي تحيط بالأردن وخاصة فيما يخص الموقف المبدئي والتاريخي والذي يعبر عن الثوابت القيّمية للدولة الأردنية من القضية الفلسطينية تعني ان الأردن لا يتعرض لأخطار سياسية أو مستجدات إقليمية تقليدية يستطيع من خلالها ومن خلال سياسية الأردن وتحالفاته السياسية التقليدية ، احتواء او التعامل مع تلك المستجدات كما عاهدناه سابقا .

إن ما يحيط بالأردن بهذه المرحلة بالذات خطراً يهدد الكيان الأردني والنظام السياسي معا أي أن الأردن لا يتعرض لضغوط تقليدية إنما هو خطر وجودي وقد بدت بعض مظاهر هذا الخطر عندما أحبطت أجهزتنا الأمنية الباسلة والساهرة مخططا إرهابي متكامل كان يهدف الى ضرب الجبهة الداخلية وإعادة الأردن الى وضع يتمحور تحركه و جهوده نحو تحصين الجبهة الداخلية والألتفاف الى الداخل وذلك نظراً لتأثير موقف الأردن المبدئي من قضايا المنطقة ولحركة الأردن الخارجية من انعكاس على تقويض أثر قرار الولايات المتحدة الامريكية في الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني .
إن ما كان يخطط له ليس بعيدا عن هذا البعد والذي يحتم علينا النظر عن كثب الى واقع المخاطر التي تتهدد الأردن بكل مكوناته وخاصة استقراره الأمني ومحاولة الالتفاف على واقعه الاقتصادي من أجل تجيير هذه الصعوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي يتعرض لها الوطن لصالح ضرب الوحدة الوطنية والتكامل المجتمعي بما يؤدي الى ضرب عمق استقراره الأمني الذي شكل على مدى السنوات المنصرمة واحدة من النماذج التي حظيت بتقدير دولي غير مسبوق في إدارة الأزمات و النأي في الأردن عن تبعيات وارتدادات الزلازل الذي ضرب إقليم الشرق الأوسط ، وحرص النظام السياسي الأردني وعلى رأسه جلالة الملك عبد الله بن الحسين المفدى في استكمال مشروع الإصلاح الشامل ومن أولوياته الإصلاح الاقتصادي والسياسي .
لقد أوضح جلالة الملك في لقائه مع رئاسة مجلس النواب ورؤساء اللجان النيابية أنه آن الآوان لترجمة أوراقه النقاشية على أرض الواقع وان الإجراءات الحكومية للتصحيح الاقتصادي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار رعاية مصالح الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود.
وأن تمكين الطبقة الوسطى يعني وقف نزيف هذه الطبقة لصالح الطبقة الفقيرة و الأساس في الخطط الاقتصادية يجب أن يتوجه نحو الحفاظ على الطبقة الوسطى ومحاربة الفقر والبطالة والفساد الإداري والمالي .

نعم الأردن بكل وضوح يتعرض لخطر وجودي بكل ما للكلمة من معنى وأن الشفافية والوضوح مع المواطن تعمق قوة هذا العامل و يتطلب المكاشفة والمصارحة حول المخاطر الوجودية للدولة الأردنية الحديثة و دون الخوف او الوجل القائم على شعار الفزع العام فليس هناك أي مواطن أو بيت أو أسرة أو مؤسسة لم تلمس من قريب او بعيد أن هناك وضع سياسي خطر جدا يحيط ببنية الأردن ولكن المواطنين ينتظرون مكاشفتهم بالحقائق لتمكينهم من الصمود والقدرة على المواجهة من خلال التوضيح والمكاشفة والشفافية المطلقة حول هذا التطورات.
أن اختزان الحقيقة لدى النخبةالسياسية واعتبار ذاتها هي وحدها التي تمتلك أدوات المواجهة والحلول الفوقية يوضح مدى غياب هذه الحكومة عن فهم المرتكزات الحقيقة للمواجهة الناجحة لمؤامرة تصفية القضية الفلسطينيةو إنهاء الدولة الأردنية الحديثة كقربان للتسوية الشاملة.
إن ذلك ليس اجتهاداً قائما على قراءه غيبية أو أسطورية للواقع السياسي الأردني والتطورات المحيطة الضاغطة بكل ما أوتت بقوة في سبيل إنجاح هذا المخطط دون الأخذ بعين الاعتبار أي حسابات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية .
أن التحولات الحاصلة وإعادة التموضع السياسي القائم على التحالفات لم تعد غافية على أحد ولم تعد كعهد الدبلوماسية الأردنية تحت الطاولة إنما بوضوح لا لبس فيه بين الإدارة الامريكية وقوى إقليمية ودولية تهدف الى نزع عروبة القدس وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال نزع الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وهو حجر الأساس وحجر الزاوية الذي يتطلب التخلص منه حتى تترجم طموحاتهم وهذا يعني نزع الواقع التراثي الديني والروحي عن القدس واعتبارها أراضي متنازع عليها بين أقليات دينية وعرقية تخضع للحل من خلال التدويل الروحي للمدينة والتجسيد السياسي بسيطرة الدولة العبرية عليها.
من هنا يجب ان نكون أكثر وعيا وحذرا وان يرقى أداء الحكومة العتيدة الى هذا المستوى من التحدي فالواقع الاستثنائي يتطلب جهودا وأدوات وحكومات استثنائية .

قد يعجبك ايضا