الامن المائي والتغير المناخي
الامن المائي والتغير المناخي/الاستاذلدكتور عمر علي الخشمان
المرفأ.شكل التغير المناخي تهديدا للأمن المائي واستدامة التنمية الاقتصادية في بلد يعاني أصلا من شح المياه حيث يصنف الأردن من المناطق الجافة وشبة الجافة ويعد مائيا بين أفقر أربعة دول في العالم, وتبرز أهم التحديات التي يواجهها الأردن في اختلال معادلة التوازن بين الطلب والمتاح, حيث تزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني المتزايد واستقبال الاردن لاكثر من 1.4 مليون لاجي سوري مما انعكس سلبا وبشكل كبير على حصة الفرد الاردني الى اقل من 100م3 سنويا, بحيث اقترب الاردن من خط الفقر المائي العالمي مما جعلة يتقدم على سلم الدول الاكثر فقرا بالمياه علما بان 83% من الاراضي الاردنية مناطق قليلة الامطار ولايزيد فيها الهطول المطري في 90% منها عن 200 ملم/السنة, بالاضافة الى اثار التغيرات المناخية التي اثرت بشكل كبير على منطقة الشرق الاوسط ومنطقتنا الاردن بشكل خاص كونها تقع في قلب الشرق الاوسط, ان تفهم وتعاون المواطن للواقع المائي في الاردن يحقق عوائد مائية كبيرة وبتكلفة بسيطة تنفيذا للتشريعات التي تلزم كل مواطن يعمل عقار بعمل خزان تجميعي مائي.
ان العنصر الاهم في الامن المائي هي التنمية التي عمادها العنصر البشري, مما يتطلب وضع استراتيجية وطنية هادفة ومعنية بالامن المائي باعتبار ان ذرورة الامن الاقتصادي هو الامن الغذائي وعصب الامن الغذائي ومنتجه هو المياه وهذا ينعكس سلبا على الامن الاجتماعي والاقتصادي, ان نقص المياه وشحها ومحدوديتها سوف يؤثر سلبا على جميع القطاعات المختلفة مثل الزراعية والاقتصادية والاجتماعية ويظهر هذا التاثير على كمية المياه ونوعيتها وهبوط مناسيب الاستهلاك في المياه الجوفية من خلال نقص المخزون المائي والذي يؤدي الى ارتفاع درجة الحرارة والتي تعمل على زيادة معدلات التبخر من المسطحات المائيه ومياه السدود والحفائر الترابية وان تذبذب معدل هطول الامطاروانخفاض كميات الهطول المطري سيؤدي الى نقص في الموارد المائية المتاحة للاغراض الزراعية والثروة الحيوانية كما ونوعا, الكميات المتاحة من المياه قليله والطلب عليها اكبر هذا سيؤدي الى تدهور نوعية المياه نتيجة قلة كميات الامطار وتساقط الثلوج مما يؤدي الى تملح المياه الجوفية وتدهور نوعيتها وبسبب قلة الموارد المائية المتاحة سيؤدي الى ارتفاع اسعار المياه وهذا سيؤثرسلبا على تحديد اولويات استعمالات المياه هل هي للشرب ام للزراعة ام للصناعة ام القطاعات الاخرى.
حتى نحقق الامن المائي علينا جميعا تحمل المسؤولية افراد وجماعات ومؤسسات وطنية ومؤسسات حكومية باكمله لنتمكن من المحافظة على مواردنا المائية والحفاظ عليها وامام ذلك لابد من القيام بعدة خطوات متوازنة تتمثل في الخطوة الاولى وهي الجانب التوعوي في مجال ترشيد استهلاك المياه والمحافظة عليها من خلال رفع مستوى الوعي لدى جميع شرائح المجتمع وان يعلم الجميع ان الامن المائي هو امن اقتصادي وزراعي وبالنهاية امن وطن وعلى كل اسرة وبيت تحمل المسؤولية الوطنية والذي يتمثل بالترشيد بالاستهلاك واستخدام ادوات ترشيد استهلاك المياة والعمل على تخزين مياه الامطار من خلال الحصاد المائي والذي يتمثل بالابار المنزلية, ان الحصاد المائي سيعمل على توفير مصدر مائي يقدر بحوالي 43 مليون م3 سنويا اي ما يعادل 16% من المياة التي يستخدمها المواطنين والتي تعمل على تخفيض فاتورة المنزل بنسبة لا تقل عن 40% من استهلاكة. ان استغلال مياه الأمطار من خلال الحصاد المائي بإنشاء السدود والحواجز الترابية لجمع المياه الذي يعتبر الأهم والأقل كلفة بالنسبة الى المواطن لان الإدارة المتكاملة لمساقط الأمطار تعزز أساليب الحصاد المائي وخاصة في المناطق الصحراوية الذي سيجعل من الزراعة امراً ممكناً رغم قلة الموارد المائية وتخفيف من التدهور البيئي وانجراف التربة ويجمل المنطقة ويحسن مستويات المعيشة .
تعتبر الابار المنزلية احد اهم التقنيات التي تساعد في جمع مياة الامطار والحصاد المائي وذلك للاستفادة من الابار في تجميع المياه وتعزيز الموارد المائيه لمواجهة الازمات وخاصة في فصل الصيف, اهمية مشاركة المواطنيين في عمليات جمع الامطار في الابار المنزلية وعمليات الحصاد المائي هي مشاركة اجتماعية لها ابعادها الاقتصادية والاجتماعية على المواطنيين وايضا تنعكس بشكل ايجابي على الواقع المائي في المملكة والتي من خلالها نستطيع كما صدر عن وزارة المياة والري بانة يمكن من خلال تجميع المواطنيين للمياة في المنازل والمؤسسات حصاد حوالي 45-60 مليون متر مكعب من مياة ذات نوعية جيدة وهذا سيساهم في التخفيق على الضغط على مواردنا المائية في ظل طلب على المياه بصورة غير اعتيادية اضافة الى التغيرات المناخية التي حصلت والتي تاثر بها الاردن بشكل مباشر كما سيساهم تجميع المياه في الخزانات الارضية والابار المنزلية الى تخفيض فاتورة المياه للمواطنيين وتامين كميات اضافيه من المياه تستخدم في فصل الصيف للاغراض الزراعية والمنزلية.
الجانب الثاني يتمثل في مسار تشريعي قانوني يرفع مستوى الاهتمام بحفظ وصيانة مواردنا المائيه وفق منظومة تشريعية متكاملة تجعل من الاعتداء على المياه جريمة وطنية كبرى يعاقب عليها القانون بشدة وبدون تهاون, الجانب الثالث فيمثل في المسار التقني والمهني وهو مواجهة النسبة العالية من الفاقد المائي حيث تصل نسبة الفاقد الى 40% وقد تصل الى 60% في بعض مناطق المملكة عبروصلات غير مشروعة والعمل بخطة عمل للتخفيف من الفاقد المائي ومعالجة الخلل الناتج من الحصول على المياه بطريقة غير مشروعة.
اما الجانب الرابع والذي يتمثل في مسار الحصول على مصادر مائية جديدة من خلال بناء السدود والحفائر الترابية الصحراوية والحصاد المائي من خلال الابار المنزلية والتعاون مع دول الجوار بمشاريع مشتركة, اما الجانب الخامس وهو المسار الاهم فهو ضرورة اصلاح الخلل الناتج من الزراعات المختلفة وانشاء المخيمات السكانية على الاحواض المائية فلا بد من معالجتها وحمايتها والا فانها تعد كارثة كبرى تهدد مستقبل الامن المائي الاردني.
ان أمن المياه هو في النهاية أمن التنمية والمجتمع والمواطن وهو بحاجة إلى مشاركة ومساهمة إيجابية من الجميع تتمثل بالاستفادة من الموارد المائيه واستغلال وجمع مياه الأمطار والترشيد في استهلاك المياه وبنفس الوقت تشديد المخالفات على الهدر والاستنزاف الجائر وهذه حقيقة فرصة لكي يصبح المواطن شريكاً رئيساً في التخطيط وادارة المياه بصورة سليمة مدروسة ، وتقديم حوافز لترشيد الاستهلاك والاستخدام الأمثل لمواردنا المائيه والتعامل معها ضمن استراتيجية وطنية ثابتة. وزارة المياة والري تقوم بدور هام وفعال في هذا الجانب ولابد من توجية كلمة شكر لمعالي وزير المياه والري وفريقة في الوزارة على جهودهم الطيبه ومتابعتهم الحثيثة لقطاع المياه في المملكة ونطمح في المستقبل ان يبذل المزيد من الجهود الحثيثة والجادة من الجميع للوقوف امام مشكلة شح المياه في الاردن واستخدام امثل لمواردنا المائية حسب ما تتطلبة منا جميعا المرحلة القادمة.