سلامة الدرعاوي يكتب: أنقذوهم.. شرائح اجتماعيّة تحت إعصار كورونا

421

المرفأ.أكثر من نصف مليون عامل في الاقتصاد الأردنيّ يعملون في مهن غير رسميّة وغير منضبطة تحت مظلة القطاع الخاص، من مهنيين وحرفيين وسائقين وعمال مهرة في قطاعات المقاولات والقطاعات المساندة وعمال المياومة، والعاملين في محلات ومصانع صغيرة، يعيشون اليوم تحت وطأة فيروس الكورونا الذي فتك بأمنهم المعيشيّ.
هذه الشريحة الواسعة من المجتمع لا تمتلك رواتب شهريّة منتظمة، ولا دخلا ثابتا، وغالبيتهم خارج مظلة الضمان الاجتماعيّ، وهم في الظروف العادية يعتاشون يوما بيوم، ويكاد دخلهم يكفيهم في أحسن الظروف ليلة أو ليلتين، ويستهلكون كُلّ ما يتقاضونه من أجور لتلبية احتياجاتهم اليومية من غذاء أساسيّ وأجور لمساكنهم ومتطلبات رئيسيّة لأسرهم، ولا يمكن لأحد أن يلبي هذه الحاجات إذا ما توقف عن العمل وتوقف دخله.
الآن وبموجب قرار حظر التجوّل، وعلى ضوء جهود الحكومة في احتواء هذا الوباء الفتاك، يجب على الحكومة أن تضع هذه الفئات المحرومة من الدخل والمسحوقة من تداعيات الفيروس على سلم أولوياتها الأمنيّة والمعيشيّة، فاليوم هم غير قادرين أبداً على الحصول على لقمة عيشهم اليوميّ هم وأسرهم.
الحظر مشروع وأمر أساسيّ لاحتواء الفيروس، لكن هذا لا يمنع الدولة بمختلف أجهزتها بالبحث عن الطبقات الاجتماعيّة التي لا تمتلك دخلاً شهرياً أو لديها أي مدخرات لتلبية حاجاتها اليوميّة الأساسيّة، وهذا جزء أساسيّ من مهام الحكومة وواجباتها فكما قامت مشكورة بعزل خمسة آلاف مسافر قدموا من الخارج في فنادق البحر الميت والمحافظات، فإنها قادرة أيضا على تنشيط الحس الاستشعاريّ لديها في تتبع أحوال طبقات اجتماعيّة باتت اليوم تحت خطر الفقر الحقيقيّ.
المطلوب هو تحرك رسميّ على أكثر من صعيد، تبادر به الحكومة أولاً، لكي تتبعها فعاليات المجتمع الأخرى، والمجال متاح من خلال قنوات عدة.
تؤسس الحكومة صندوقا خاصا للمتضررين من الكورونا، ويكون خاصا بالأفراد يتم رصد مبلغ معين له من خلال إجراءات ومناقلات تتم على الموازنة التي هي اليوم في مهب الريح ولم يعد أحد قادرا على تطبيقها، فتحويل مخصصات النفقات الرأسماليّة اليوم إلى هذا الصندوق أولويّة للأمن والاستقرار العام في البلاد، يتم من خلاله دفع منح ماليّة للمتضررين الأفراد يساعدهم على شراء احتياجاتهم المعيشيّة الأساسيّة.
وتفعيل صندوق المعونة الوطنيّة وزيادة الشرائح التي تنطوي تحت مظلته ليكون داعما في الأمن المعيشيّ للأسر الأردنيّة.
أما الزكاة، فهي مؤسسة تمتلك الكثير من الموارد الماليّة، وفي حال فتح التبرعات لدعم المتضررين من الكورونا وإنقاذهم سيكون هناك هبّة شعبيّة للتبرع تساعد في توفير مخصصات مالية كبرى توزع على المستحقين.
والأمر لا يختلف أيضا عن باقي الجمعيات الخيريّة والتطوعيّة المنتشرة في البلاد، كُلّها مطالبة اليوم باختراق أعمالها والدخول بعمل ينقذ العديد من الأسر الأردنيّة والمساهمة بإنقاذ أرواح من الهلاك الحتميّ عن طريق تبرعات ودعم نقديّ مباشر لهذه الشرائح.
الحكومة مطالبة بتشجيع هذا العمل وإطلاقه على مصراعيه، وتقديم الحوافز والتسهيلات للمتبرعين من الأفراد والمؤسسات للعمل الخيري لمواجهة تداعيات الكورونا الاقتصاديّة التي ستفتك بالكثير من أفراد المجتمع في حال عدم العناية بهم وتقديم يد العون لهم، في حين أن الحكومة لوحدها لن تقدر على مواجهة هذا الوباء وآثارهم دون دعم وشراكة حقيقية من كافة شرائح المجتمع.

قد يعجبك ايضا