خبير إستراتيجي يطالب الحكومة بإعادة النظر في “قانون الدفاع 6”
المرفأ.قال الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” إن أمر الدفاع 6 محاولة حكومية غير موفقة وجهت للقطاعات الاقتصادية لتجنب استنزاف العمالة وتسريحها، لكن الأثر الحقيقي له سيكون بعكس ذلك تمامًا، مطالبًا في الوقت ذاته بضرورة إعادة قراءة هذا القانون قراءة واقعية ملموسة تحقق مصلحة القطاعات الاقتصادية المختلفة وضمان استمرارها.
وأوضح الحوارات، “أن سعي الحكومة لمنع هذا الاستنزاف يفترض أن لا يقوم القطاع الخاص بإنهاء خدمات العاملين والموظفين؛ ولكن الحقيقة أن القطاع الخاص نفسه وقطاع الأعمال أنهيت خدماته في هذه العطلة الطويلة الإلزامية لا سيما وأنه ليس ثمة دعم حقيقي له للعودة من جديد.
كيف يستطيع القطاع الخاص العودة من جديد؟
وأشار الحوارات إلى أن الأسئلة التي يجب أن تطرحها الحكومة ونطرحها نحن هل القطاعات العاملة في القطاع الخاص الذي يشكل 52% من مجمل قطاع الإنتاج في الأردن لديها المقدرة للعودة أصلا حتى تستطيع أن تدفع للعمال رواتبهم.
وتابع بالقول: إن أكثر هذه القطاعات “كانت تعمل بالقطاعي يوما بيوم”، وكانت تدفع للعمال من نتاج عمل ذلك اليوم، وبالتالي هي غير قادرة على تعويض فترة انقطاع طويلة لا يوجد فيها بيع ولا شراء وليس لديها داعم مالي لكي تعود من جديد، وليس لديها مدخرات.
ونوه إلى أن مفهوم المدخر غير موجود عند هذه الشركات لأنه ليس لديها مخزون إضافي من المال الذي تدير به نفسها؛ بل هي ربما كانت تستدين كي تستمر والجميع يعلم أن القطاع الاقتصادي خلال الفترة الماضية كان يستدين كي يبقى واقفا على قدميه.
وقال الحوارات: جاءت هذه الأزمة ربما لتنهي فرصه بالعودة من جديد، مؤكدًا “سنجد أن الكثير من القطاعات الاقتصادية أغلقت أبوابها بعد هذه الأزمة، وسنجد كثيرًا من العمال يهيمون يبحثون عن عمل ليس لأن أصحاب العمل كانوا قساة القلوب؛ لا بل لأن أصحاب العمل كانت طاقتهم محدودة ونفدت إمكانياتهم في القدرة على إعادة الموظفين للعمل”.
برنامج حوافز بداية الحل
وعبر الخبير الإستراتيجي عن اعتقاده بأن الحكومة أصدرت قانون الدفاع 6 على فرض أن هذه القطاعات الاقتصادية قوية وقادرة على أن تبقي عمالها وتدفع لهم رواتبهم، ومن ثم من يعجز عن دفع الرواتب لعمّاله تحيله الحكومة إلى لجنة خاصة لينتظر مطولاً حتى تصدر اللجنة قرارها بعد حين، بأن هذه الشركة ليس لديها المقدرة على دفع رواتب لعمالها.
ونوه إلى أنه في الأساس كانت كثير من الشركات تتهرب من الضريبة والضمان لأنه ليس لديهم الإمكانيات لدفع تكاليف إضافية للجهات الحكومية.
وشدد على أنه يجب على الحكومة إن أرادت أن يستمر قطاع الأعمال والصناعات الصغيرة والمتوسطة في البقاء، فعليها أن تدير برنامج حوافز رسمي للشركات ما دون المتوسطة والصغيرة وتدعمها دعمًا ماليًا.
واستدرك بأنه حتى القروض الميسرة والقروض بدون فوائد البعيدة المدى ليست في متناول هذه الفئات وليست في مقدرتها، فيجب التفكير بشكل استراتيجي بحيث يبقى هؤلاء الناس الذين يزودون البلد بكثير من حاجاته على رأس عملهم ولا تنقطع بهم السبل ولا يصبحوا عاطلين عن العمل.
ضخ ملايين للقطاع الخاص
وشدد الخبير الاستراتيجي على ضرورة ضخ الحكومة للسيولة اللازمة حتى تستعيد القطاعات الاقتصادية عافيتها، منوها إلى أن التحفيز الاقتصادي لهذه القطاعات وجعلها تستمر بالإنتاج يتطلب من الدولة ذاتها أن تدير عملية دفع رواتب للعمال حتى يبقوا وإعفاء المصانع خاصة الصغيرة من هذه الكلفة، وبالتالي على الحكومة ضخ الملايين من الدنانير لبقاء العمال وقطاعات الأعمال مستمرة في أداء واجبها تجاه الدولة.
وأوضح الحوارات أن “قطاع الأعمال يتألف من الهاردوير ممثلا بالمصانع والأدوات والسوفتوير ممثلا بالإنسان، وإذا تعذر على صاحب العمل ان يعيد دمج هذين المكونين لن يستطيع تشغيل مصنعه، وإعادة دمجه تكون بالمحافظة على صموده”.
وأكد أنه في هذه الفترة “الفجوة” التي حصلت بين فترة التوقف والعودة على الدولة أن تتحمل لأنها عندما تساعد هؤلاء على البقاء هي تساعد نفسها أولاً، وتقلل البطالة وتجعل النمو الاقتصادي على الأقل ليس 1.9 مثل ما كان على الأقل أن لا يصبح في السالب وتحافظ على سوية اقتصادية.
وقال الحوارات: “إذا قامت الدولة بما يتوجب عليها تجاه القطاعات المتضررة فإن ذلك يجنبها تداعيات اجتماعية خطيرة من الفقر والبطالة التي ستؤدي لهزات اجتماعية ربما تؤدي إلى حراك مجتمعي شديد الحدة قد يؤثر على المدى البعيد في الدولة”.
وأضاف، “أنا باعتقادي الرؤية الحصيفة للحكومة تقتضي إعادة قراءة هذا القانون الذي لم يفهمه أحد وهو يعبر عن مزاج سيء ونزق للحكومة في هذه الفترة”. مؤكدًا في الوقت ذاته أن على الحكومة إعادة قراءة القانون بشكل واقعي للحالة الاقتصادية الأردنية وتتعامل معه بشكل حقيقي وملموس”.
وقال الحوارات: أنا أتخيل وكأن الحكومة تتصور واقعا اقتصاديا افتراضيا تتعامل معه، وما تعاملت معه الحكومة في الواقع “أشلاء قطاع” بحاجة إلى النهوض، فما بالك بعد هذه الأزمة التي أدت به إلى هاوية شديدة بحاجة إلى إنقاذ وليس إلى مجرد قانون يتحدث من “فوق” ويفرض وجهة نظر أحادية.
وشدد على أنه يجب على الحكومة أن تنزل إلى مستوى القطاع الصناعي والتجاري وتحاوره وتعلم ما هي متطلباته وتتعامل مع هذه المتطلبات.
وحذر الحوارات في ختام حديثه لـ “البوصلة”: لا يجوز أن تكون غاية الحكومة اليوم “شعبوية” والسعي لإثبات أنها تحافظ على مصالح العمال بمجرد الأقوال، في حين المكان الذي سيعمل فيه هؤلاء العمال سيكون غير موجود، وتصبح بذلك الحكومة تحافظ على “فراغ”.
(البوصلة)