سيناريوهات جدوى إجراء الانتخابات .. حسين الرواشدة

345

المرفأ..فيما كان البعض يراهن على ان «الانتخابات» البرلمانية ستكون البوابة المتاحة للدخول الى عملية الإصلاح والخروج من أزمة «استعصائه» جاء ت جائحة كورونا، ما تلاها من استحقاقات واغلاقات وهواجس ومقررات، لتطرح علامة استفهام «كبيرة» حول جدوى إجراء الانتخابات وسط هذه الأجواء المشحونة المزدحمة بالاحتقانات والمخاوف والشكوك.

في حسابات «الخسائر» السياسية التي ترتبت على « حالة المجتمع» بسبب إجراءات مواجهة «كورونا»، ربما تكون الانتخابات هي الضحية الأولى، فمن الصعب ان تقنع الناس بالذهاب الى الصناديق لكي يدلوا بأصواتهم، ليس –فقط- بسبب الإرث الثقيل الذي تحمله ذاكرتهم عن «التزوير» الذي جرح شرعية العملية وإفرازاتها قبل سنوات، وإنما –أيضا- لتراجع ثقتهم بإلاجراءات من جهة وإحساسهم من جهة ثانية بان أصواتهم أصبحت بلا قيمة بعد ان حسمت الحكومة قراراتها في أهم القضايا التي تمس حياتهم.

في ضوء ذلك يمكن التفكير جديا في «جدوى» إجراءات الانتخابات في موعدها، وأمامنا أكثر من احتمال، الأول : الإصرار على الموعد المقرر بغض النظر عن «حالة المجتمع» ومزاجه العام، وعندها يمكن ان نتوقع بان تكون نسبة المشاركة ضعيفة وربما تقل عن 30 ٪ ممن يحق لهم الانتخاب وعددهم نحو 4 مليون، او ان «الحالة العامة» ستترك بصماتها على نتائج الانتخابات بحيث تكون خريطة المجلس القادمة نسخة مكررة للمجالس السابقة، او صورة «مشوّهة» وغير مفهومة تشبه تماما مزاج الشارع المرتبك والمضطرب والمنقسم على نفسه أيضا.

الاحتمال الثاني: ان نستثمر فرصة «الأيام» التي تسبق الانتخابات بطرح مبادرات سياسية عميقة وجدية تهدف أولا الى «لمّ الشمل» الوطني وثانيا إلى معالجة «الجراح» التي سببتها الأحداث الأخيرة، وثالثا إلى تهدئة مزاج الشارع وإخراجه من حالة «الفزع» والصدمة الى حالة «استعادة الهمة والأمل»، لكن السؤال عندئذ سيكون : ما هي نوعية هذه المبادرات؟ ثم هل لدى «المطبخ» السياسي ما يمكن ان يقنع به الناس؟ الجواب بالطبع لا يمكن حسمه، لكن لا اعتقد ان الدولة تبدو «عاجزة» عن إنتاج مبادرة سياسية، ان لم تكن من اجل استقطاب «العازفين » عن المشاركة بالانتخابات، فمن اجل الحفاظ على أصدقاء العملية الانتخابية والمؤيدين والمتحمسين لها.

الاحتمال الثالث : هو تأجيل الانتخابات، ومع ان لهذا القرار استحقاقاته الدستورية، كإعادة المجلس النيابي الحالي او التمديد له لمدة عام او عامين، وإطالة أمد الأزمات بدل الإسراع في حلها، إلا انه –مع ذلك كله- يبدو خيارا مشروعا، فهو –من جهة- سيجنبنا المغامرة بإجراء انتخابات ناقصة لا تحظى بمشاركة معقولة ولا تنتج مجلسا يحظى بوزن سياسي مقنع، وهو من جهة ثانية –يمنحنا مزيدا من الفرص لإعادة النظر في مجمل «المعادلات» السياسية والاقتصادية التي أفرزت ما نعانيه من أزمات.

الآن، بقي على موعد الانتخابات نحو شهرين ونصف ، وحالة مجتمعنا العامة –كما يبدو- ما تزال تحت وقع «الصدمة» وشهية الناس مسدودة تماما أمام اي سؤال «سياسي» او انتخابي، وعزوفهم هذا لا ينم عن الشعور «باللاجدوى» فقط وإنما «بالإحباط» والارتباك وفقدان الوزن أيضا.

قد يعجبك ايضا