العجارمة يكتب : أقارب جلالة الملك وعضوية السلطة التشريعية- وجهة نظر قانونية
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو المركز القانوني لأقرباء جلالة الملك في ظل غياب النص القانوني الذي يحظر عليهم عضوية مجلس الامة؟
ان أقرباء جلالة الملك مواطنون بالدرجة الأولى يتمتعون بكافة الحقوق التي كفلها الدستور، ومنها الحقوق المتعلقة بمباشرة الحقوق السياسية انتخباً وترشيحاً، وإذا اتجهت نية المشرع الدستوري تعليق مباشرة هذه الحقوق على شرط أو درجة قرابة معينة (تحدد بموجب قانون) ولكن المشرع العادي لم يصدر هذا القانون.لابد هنا من رد الحق الى اصله واساسه، هو إباحة ممارسة هذه الحقوق من خلال إعمال النصوص القانونية وليس اهمالها، لان أقرباء جلالة الملك مدرجة اسماؤهم في جداول الناخبين ومسموح لهم الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في مجلس النواب و مسموح لهم ايضاً الانخراط في الأحزاب السياسية، وبالتالي فان القول بحرمانهم من عضوية مجلس الأمة يخالف الدستور نصاً وروحاً وللأسباب التالية :
1. إن الأصل في النصوص الدستورية ، أنها تفسر بافتراض تكاملها باعتبار أن كلا منها لا ينعزل عن غيره، وإنما تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تستخلص منها مراميها، ويتعين بالتالي التوفيق بينها، بما يزيل شبهة تعارضها ويكفل اتصال معانيها ومضامينها، وترابط توجهاتها وتساندها، ليكون ادعاء تماحيها لغواً، والقول بتآكلها بهتاناً؛ ومضمون الحقوق السياسية التي يثيرها هذا التساؤل، إنما يتحدد على ضوء اتصال هذه الحقوق بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادة (22) من الدستور، وإعمال مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه المادة (6) من الدستور .
2. إن الدساتير الاردنية جميعها بدءاً بدستور سنة 1928، وانتهاءً بالدستور النافذ حالياً، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلم الاجتماعي ، كون الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ – في جوهره – وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال أعمالها كذلك، إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية ، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للمصلحة العامة . لقد حظرت المادة (6) من الدستور التمييز بين المواطنين في أحوال بعينها، وهي تلك التي يقوم التمييز فيها على أساس العرق أو اللغة أو الدين، و إيراد الدستور لصور محددة بذاتها يكون التمييز فيها محظوراً مرده كون هذه الصور الأكثر شيوعاً في الحياة العملية، ولا يدل البتة على انحصاره فيها، إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور، ويحول دون إرساء أسسها، وبلوغ غاياتها. فمن صور التمييز التي أغفلتها المادة (6) من الدستور مثلا – ما لا يقل عن غيرها خطراً سواء من ناحية محتواها أو من جهة الآثار التي ترتبها- كالتمييز بين المواطنين في نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، أو الحريات التي يمارسونها، لاعتبارات تعود الى مكان مولدهم أو مركزهم الاجتماعي، أو انتمائهم الطبقي، أو ميولهم الحزبية، أو نزعاتهم العرقية، أو عصبيتهم القبلية، أو إلى موقفهم من السلطة العامة، وغير ذلك من أشكال التمييز التي لا تقوم على أسس موضوعية.
4. أن صور التمييز المخالفة للدستور- وإن تعذر حصرها- إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغير ذلك من مظاهر الحياة العامة.
5. لقد كفل الدستور لكل مواطن حق الاقتراع، وفقاً للشروط التي يحددها المشرع، ومن المستقر فقهاء وقضاءً أن حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستور والقانون صفتها التمثيلية كالترشح
6. واخيراً، لا يرد القول بوجود عرف (مسقط او سلبي) يتمثل بعدم تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بهذا الحق وبالتالي سقوطها، كونه لم يتم تعيين أي شخص من أقرباء جلالة الملك في عضوية مجلس الاعيان او ترشحهم لعضوية مجلس النواب منذ صدور الدستور الحالي في عام 1952 وذلك للأسباب التالية: