اخصائي امراض القلب والشرايين د.رشيد ابداح يكتب : معاناة يجب ان لا نبقى صامتين عليها

253
المرفأ…: بداية اترحم على روح الزميلة التي فجعنا خبر وفاتها اليوم صباحا في مستشفى الجامعة الاردنية واقدم التعازي لوالدها وذويها سائلا المولى عز وجل ان يلهمهم الصبر والسلوان .
تخفي الصورة الجميلة والزاهية للاطباء خلفها معاناة يومية قلما ينجو منها اي طبيب .
يبدأ الطبيب حياته بدراسة ٦ سنوات متتالية بكلية الطب يتخللها مئات الاختبارات والتحديات ليتخرج ظنا منه بانتهاء معاناته ولكن يتوجب عليه اكمال سنة اضافية اخرى من التدريب تسمى( سنة الامتياز) غالبا لا يتقاضى خلالها اي اجر او يعطى القليل لا يكفي لتغطية مصروفه اليومي .
من ثم تبدا المرحلة الأصعب…. مرحلة الاختصاص (الاقامة) وهي مرحلة شاقة تتزامن مع عمل سريري مباشر ومضن مع المرضى في الاقسام والعيادات تحت اشراف اختصاصيين يخضعون خلالها للتقييم المستمر .
ظروف الاقامة غالبا صعبة وشاقة فهي تشمل مناوبات ليلية متكررة وساعات عمل طويلة تصل ل ١٠٠ ساعة اسبوعيا في كثير من الاحيان وهم غالبا غير مشمولين باي نظام رعاية اجتماعية (ضمان اجتماعي) ،بل هناك الاسوأ من ذلك اذ ان بعض برنامج الاقامة في بعض المراكز الطبية غير مدفوعة الاجر (تخيلوا الظلم عمل شاق بلا اجر ولسنوات).
ان استمرار الضغط والظروف القاسية للمقيمين والذين كانوا دوما بالصفوف الامامية مثال على ذلك خلال جائحة كورونا واجبارهم على العمل المستمر دون تحفيز او راحة وخاصة بعد مناوبة ليلية شاقة من شانه ان يساهم في ضعف الخدمة الطبية المقدمة للمرضى بل قد يشكل خطورة على حياة المرضى.
ونتيجة لكل ذلك يتعرض الطبيب لحالة الاحتراق المهني burnout
ويصبح فريسة سهلة لحالات الاكتئاب والقلق الشديد .
اظهرت بعض الدراسات ان مستويات التوتر عند الاطباء تشهد ارتفاعا ملحوظا يفوق ضعف الناس العاديبن وكان مقياس التوتر اكثر ارتفاعا بين المقيمين مقارنة مع الاستشاريين وطلاب كلية الطب ، وارتبط الارتفاع الملحوظ لديهم بالحرمان من النوم وطول ساعات العمل والاستياء من سوء المعامله من المشرفين عليهم بالتدريب وكان اخطر ما في الدراسة ان

حوالي ٢٠ % منهم فكر ولو لمرة واحدة بانهاء حياته بنفسه (الانتحار) مقارنة ب ٥ % بصفوف الاطباء الاخرين .
للاسف لا يتلقى هؤلاء الاطباء المتدربين اي تدريبات او نصائح حول ادارة الضغوط النفسية او كيفية والتعامل معها .
بعد استعراض الواقع المرير لحال هذه الفئة من الزملاء يتوجب على الجهات المختصة (بما فيها نقابة الاطباء ) العمل على :
توفير الامان الوظيفي لهم مما يتطلب اصلاح بيئة العمل وحفظ كافة الحقوق المادية والمعنويةة لهم وصونهم من اي تنمر او تسلط اداري .
توفير برامج تدريبيه محددة وواضحة وبكل المراكز الوطنية .
حفظ حقوق الطبيبات ( مثلا يتم حرمانهم من اجازة الامومة في كثير من الاحيان) .
وللحديث بقية .

د.رشيد ابداح
استشاري امراض القلب والشرايين.
عضو مجلس نقابة الاطباء الاردنية.

قد يعجبك ايضا