باسل العكور..يكتب… العدوان على غزة.. السقطة التي كشفت زيف الادعاء الغربي بانهم حضارة
يبدو – والحالة هذه – ان حرب غزة هي “بروفة لما سيشن بعدها من حروب ، فالحروب القادمة ستبدأ من حيث انتهى اليه جيش الاحتلال وحلفاؤه ، وحتما ستستخدم بها كل الموبقات التي لجأ لها الغرب في هذه الحرب الاجرامية ضد ابناء شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر المحتسب
لم يكفهم ما استخدموه من قوة غاشمة وترسانة متقدمة بالغة التعقيد ، لم يكفهم حجم الموت والدمار الذي خلفته آلتهم العسكرية الجبانة من طائرات ودبابات وبوارج وزوارق ،كل هذا لم يشفِ غليلهم وحقدهم ، فها هم يعودون من جديد لتوظيف سلاح التجويع والتعطيش والحصار كاليات ضاغطة و حاسمة في هذا الصراع اللأخلاقي
رُبَّ سائل ماذا عن ردود الفعل الدولية على هذه الحرب الكافرة ؟! واضح ان الصوت الدولي الخافت المطالب بوقف الحرب منح الكيان الصهيوني المزيد من الوقت لاستكمال عمليات الابادة الجماعية والتهجير القسري
الموقف الامريكي المتواطئ لا يمكن تفسيره او وضعه في اي سياق منطقي قابل للفهم والادراك، نحن هنا نتحدث عن قناعة راسخة تشكلت لدى قادتهم السياسيين والعسكريين نشرت في وسائل اعلامهم بان الحرب على حماس التي دخلت يومها ال ١١٠ لن تنجح في اجتثاث المقاومة او اضعاف قدراتها على الارض . فما جدوى هذا العبث ، وعلام يراهنون ؟!!
الموت الذي يحاصر ٢،٣ مليون انسان في غزة ليس سببا كافيا للولايات المتحدة وحلفائها لوقف هذا العدوان البربري الغاشم .. تحقيق اهداف العدوان اسرائيليا تحول – بحد ذاته – الى هدف امريكي -اوروبي بغض النظر عن الخسائر البشرية التي سترتقي ، بغض النظر عما يرتكب من جرائم وابادة ومجازر وانتهاكات ومخالفات للقانون الدولي الانساني !!
الغاية تبرر الوسيلة ، هذا ما يجسده موقف الغرب المتوحش من العدوان على المدنيين العزل في قطاع غزة المنكوب .. لا محرمات ولا ضوابط اذا ما تعلق الامر بتحقيق هدف تركيع الشعوب ووأد فرصها بالعيش بحرية وامان ،ولسان حالهم يقول : اليوم لا مزيد من هرطقات احترام القانون الدولي وحقوق الانسان ، لانهم يعرفون جيدا ان هذه المعركة لن تحسم لصالحهم في الظروف الطبيعية اذا ما احترموا العهود والمواثيق الدولية ، ولذلك لا يوجد هناك ما يمنع تجاهل هذه المحدودات ، واللجوء لكل ما من شأنه ان يضمن انتصارهم وتحقيقهم لاهدافهم دون تردد او حياء او اخلاق
الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية استخدمت السلاح النووي لحسم المعركة لصالحها، وهذا مبدئيا ليس مرفوضا بالنسبة لهم، وهنا تكمن مشكلتنا مع الغرب الدعي الكاذب وربيبتهم اسرائيل التي استخدمت للان عتادا يعادل اربع قنابل نووية في عدوانها على قطاع غزة كما اكد الخبراء
ففي الوقت الذي نلتزم نحن فيه بالاخلاق في السلم والحرب – ولكم ان تأخذوا كيف تعاملت كتائب القسام مع الاسرى الاسرائيليين نموذجا – ، يتنازلون هم عن كل شئ ليُحكِموا سيطرتهم على العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وما هذه الحرب الا احدى تجليات هذه الوحشية لاحباط اي مقاومة لتلك السيطرة المطلقة المحكمة على المنطقة والعالم
الولايات المتحدة و بريطانيا ودول اوروبية اخرى هبوا هبة رجل واحد لتأمين الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر والاحمر ، بالرغم من ان الاشقاء في اليمن لم يقتلوا طفلا واحدا او رجلا او امرأة ، ولم يمنعوا انسياب حركة الملاحة الا للسفن المتجهة للكيان الصهيوني ، وذلك في رد فعل- هو اضعف الايمان – على ما يرتكب من ابادة بحق الشعب الفلسطيني.. الغرب بكل امكاناته يحق له ان يصطف مع الاحتلال في حربه البربرية على شعب اعزل ، ولكن لا يحق لاي دولة عربية ان تلجأ الى اجراءات عملية لنصرة اهلنا في فلسطين ، انها عنجهية وغطرسة لم يعرف التاريخ لها مثيلا لله دركم ايها الغزيون ،فانتم تواجهون ابشع واوضع امبراطورية عرفتها البشرية في تاريخها واكثر هذه الامبراطوريات وحشية وافتقارا للقيم والاخلاق ..ما يجري في غزة هو صراع من اجل القوة والسيطرة والتفوق ولن تقبل امريكا طوعا ان تخسرها مهما عظمت الكلفة الانسانية والاخلاقية
المفكر الامريكي صامويل هنتغتون تحدث عن صدام الحضارات ، مفترضا ان الغرب حضارة وان بقاءها مرتبط بحتمية صدامها مع الحضارات الاخرى ، وهذا افتراض ساقط معرفيا ، المؤرخون لم يعتبروا الامبراطورية الاليخانية التترية من احفاد جنكيز خان حضارة رغم احكام سيطرتها على اجزاء شاسعة من العالم لعقدين من الزمان ، التفوق العسكري والاحتلال الكولونيالي وسرقة موارد ومقدرات الشعوب واخضاعها لابشع انواع الاسترقاق والاضطهاد لا يمكن تصنيفه بانه يعبر عن حضارة ومنظومة قيمية تساهم في مراكمة الفعل الحضاري ،التفوق التقني الذي يستخدم في تركيع الشعوب واستغلالها واستعبادها لا يمكن تصنيفه بانه اسهام حضاري ابدا .. ازمة غزة كاشفة ،لقد سقطت ورقة التوت وتبدّت عورات الغرب وعنصريته وحشيته وساديته