ضيف الله نافع الحربي يكتب …الظن العاطفي

128

المرفأ…الظن بالسوء أول علامات الخروج عن الفطرة الإنسانية السوية ، وأخر الثقوب المُهلكة في مركب أي علاقة مهما اشتد ساعدها وطال عمرها ، ورغم هذا نجد له انتشارًا واسعًا ومؤسفًا ما خفي منه وما ظهر ، وما يؤسف أن الأغلبية ممن يُمارسون هذا السلوك خفية على أرض الواقع هم أكثر المتعوذين منه على الملأ ، لا تعلم أهو تناقض مرضي أم اختباء غبي أو غلبة شيطانية تمكنت من أصحاب الظنون السوداء الفارغة من المُسببات والدواعي التي قد تبرر وجودها .

 أثناء تصفح اليومي لأحد مواقع التواصل الإجتماعي قرأت عبارة أنيقة البناء قبيحة الإشارة استوقفتني ، يقول كاتبها وقد أرفق ناقلها معها موسيقى حزينة وكأنه يُعزز عمق الألم في حروف تلك العبارة التي تقول (( إذا كان حبيبك جاف المشاعر معك فهو يهطل في مكان آخر بغزارة )) قد تبدو للبعض عبارة عادية لكنها قد تمثل لغيرهم رسالة تحرث مدافن الظن العاطفي السيئ في القلوب الآمنة المطمئنة ، لتسلبها الراحة ، وتغرس في خاصرة الود والحب مسمارًا مسمومًا لا يخرج إلا بنزف قاتل .

قد نتعامل مع تلك العبارة بشكل طبيعي و ننظر لها من زاوية الذائقة الأدبية ونُعجب ببناء قوامها من الفكرة إلى براعة الوصف والإيجاز ، ولكن ماذا عن أُولئك الذين تقع تلك العبارة في قلوبهم الوجلة ، وتقدح شرارة الشك وتُشعل القشة التي ستحول الحياة إلى رماد ، لاسيما حين تتزامن مع بعض فترات الفتور العاطفي الذي يمر بأغلب العلاقات أو الضغوطات والتغيرات تولدها الحياة ، والناس ليسوا سواء في نضجهم وظنونهم وثقتهم بأنفسهم ومن حولهم ، 

 

 

قد يدور في أذهانكم الآن سؤال أين الخطأ هُنا ؟ ولماذا كل هذا ! الخطأ ليس في العبارة التي سكبها كاتب من واقع الحياة أو من سفوح مخيلته وعبّر فيها عن شعور كوّنه وترجمه بالطريقة التي أرادها ، و للكاتب حق أن يكتب ما يشاء بلا قيود ، ولكن الوعي الذي يجب أن يتسلح به القارئ هو صمام الأمان ، والحصن الذي يحميه من الإنغماس حد الإيمان بكل ما يقرأ ، فقط لمجرد أنه لامس سؤال تائه في عقلة أو وقع في مساحة حيرة لم تملأها من الأجوبة سوى تلك العبارة العابرة ،نعم الوعي هو من الوقوع ضحية لما قاله الكاتب أو المفكر أو المستشار الأسري أو معرف مجهول في مواقع التواصل يُجيد كتابة العبارات المسمومة بحبر أنيق .

قد يعجبك ايضا