تُـــنــسَــى كــأنَّــكَ لَــم تَــكُــن بِقَلَم : د.محمد يوسف أبو عمارة

192

المرفأ..تُنسى كأنَّكَ لم تَكُنْ … تُنْسَى كمصرعِ طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى… كَحُبٍّ عابرٍ
وكوردةٍ في الثَّلجِ تُنْسَى … ( مَحمود دَرويش )

نَعَم تُنسَى ، أنتَ نَعَم .. تُنسَى كأنَّكَ لَم تَكُن … كَم مِنَ الأَشخاص يَعتَبِرونَ أَنفُسَهُم عابِرين للأشياء وأنَّ العَمَل لا يَقومُ إلّا عَليهِم ، وكَم يُفَكِّرونَ ويَزهَقونَ السَّاعات والأيّام تَخطيطاً ورَسماً لِمُستَقبَل مَجهول مَحمول عَلى سِجَّادةٍ طائِرَةٍ لا تَدري أينَ تَهبط …

كَم خَطَّطَ أَحَدهُم لِحَياةِ أبنائِه مِن بَعدِه .. وقَسَّمَ الميراث في حَياتِه .. ومَات دونَ أن يَستَمتِع بِحَياتِه أو مالِه أو وَقته ونُسي بَل ونَسِيَهُ أبنائِه الذين أنفَقَ زَهرَة شَبابِه في التَّخطيطِ لَهُم …

وكَم أفنى آخر حياته بِبِناء مَنزِل يَضُمُّ أبنائهُ مَعاً وخَطَّطَ لِمُستَقبَل يَجمَع فيهِ أَبنائه وأَحفاده وعِندَما مات بِيعَ المَنزِل ونُسيَ هو وخُطَطَهُ جَميعَها وصَفَّت في ذاكِرَة النِّسيان …

وكم كان أحدهم يعتقد أن شركة ما ستنهار إذا ما غاب ليوم واحد … وغاب للأبد والشركة ما زالت تعمل بل وتطورت …

نَعَم أنتَ تُنسى … وأنتَ فَقَط مَن تَتَذَكَّر نَفسك لِذلك فَنَفسُكَ تَستَحِق مِنكَ أَن لا تَنساها وأن تَعيشَ مَعها ولَها كُل اللَّحظات الجَميلة …

ثُمَّ تَذَكَّر نَفسَكَ لأنَّ الجَميع سَيَنساك فَلا يُخَلِّدُك أحَد .. عِش لِنَفسِك ولآخِرَتِك ولِمَن حَولك ولكن .. عِش لِنَفسِكَ .. أنتَ الأَهَم وأنتَ مَن تَستَحِقُّ أن تَتَذَكَّر نَفسك .. لأنّي أُكَرِّرُ

سَتُنسَى كَأنَّكَ لَم تَكُن … أنتَ نعم أنتَ

فلنعترف أمام أنفسنا بأننا نعيش وهم دور البطولة الوهمية ، أبطال من ورق وورق قابل للاحتراق لأجل اللاشيء…

لذلك كن أنت ولا تحترق لأجل أي شيء…

قد يعجبك ايضا