منى توفيق عثامنه تكتب… السلطة الرابعة ما بين الهدم والبناء
المرفأ…تُعتَبر الحكومات قوّةٌ عامة مكوّنة من سلطات ثلاث تدير شؤون البلاد ضمن قوانين ودساتير لا تُبْعِد المسافة ما بين الحقوق والواجبات فالعُملة واحدة .
أمّا الدين فإنّه قوّةٌ كبرى تتكوّن منه الانطباعات والتوجهات والصبغة العامة للشعوب وتوجهاتهم وآراءهم وأنماط حياتهم ..
ولقد قسّم الغرب السلطات على اعتبار سلطة رجال الدين
وسلطة النبلاء وسلطة عامة الشعب
ثم أضافوا سلطةً رابعة وهي الصحافة والإعلام .
أما في بلادنا فالأمر مختلف من حيث توزيع السلطات .
ما يهمنا في هذا الطرح أن الإعلام المقروء والمرئي والمسموع بات سلطةً قويّة مؤثرة بل مصنعاً لحياكة الفكر وتنظيم التوجه وتشكيل الآراء ورفع وخفض مستويات المعلومات دون الوقوف عند مصدرها وتوظيف الكلمة والصورة كأسلحة فكرية مؤثرة وأحياناً مدمّرة.
حتى باتت الثقافات العامة مختلطة ترتدي ثوباً مزركشاً بألوان ترهق النظر فيصعب على الدماغ تحديد هوية ذاك الثوب .
والأرقام لاعبٌ قويّ بالهجوم والدفاع سواءا بسرد تواريخ أو استشهاد بإحصائيات ودراسات وضرب أمثلةٍ بنِسَب ومعدلات .
ونحن اليوم بصدد الحديث عن دور الإعلام باستغلال سلطته وحرّيّته العالية الذي تلعبه بعض الجهات الإعلامية من خلال النشر والبث والاتصال والتواصل وتداول فكرة اليأس من التغيير الذي تشهده المملكة وتشكيك العقول العامة بقدرات مجلس الأمة القادم على إحداث تغيير وحل مشكلات السياسة والاقتصاد والصحة والثقافة والشباب والتعليم وحرّيّة الرأي حتى الوقوف عند قضيّة الأمة الأولى فلسطين .
مما زعزع الثقة وأثّر على رغبة الناخبين في التوجه لمراكز الاقتراع .
في حين أنّ الأمر الصعب وهو فرز مجلس أمة قوي كان من الأولى الحديث عنه والتحضير له منذ اليوم الأوّل للأربع سنوات المنقضية على مجلس لم يترك الأثر المنشود الذي يلبي طموح المواطن.
مما كرّر الحال بكثافة ترشّح طغت على المشهد حتى بات ضبابيّاً وما زال .
إنّ الإعلام سيف ذو حدّين تارةً يدافع وتارةً أخرى يهاجم .
ولا شك أنه مهم في حياة الفرد والمجتمع والأوطان وانقاذ الحقائق من كيد الاتهام .
لقد استغل بعض الإعلاميين حريّة الصحافة والتعبير حتى بثوا جرأتهم المفرطة وعمّموا الضبابية والإحباط والسلبية بين الناس فباتت قيوداً تكبِّل حقوقهم فيقتنعون بكلام فلان أو علّان ولا يتبيّنون .
وإنّ أخطر أنواع الإطلاع غيابُ البيِّنة .
نحن نتحيّز للبقعة المضيئة من المشهد وسلامة الوطن وتوجهه ولا نريد أن تحيد بوصلة مركبنا عن قِبلتنا كي لا نرسو على شاطئ ندامة يقسمنا في حين نحن وطن لا ينقسم شعبه .
ولا تُقسَم مبادئه على تيارات تحملها رياح غريبة رقمنا صعب ومسألتنا عصيّة على الأغبياء.
ليت الإعلام الناشط حاليّا بتصوير المنهج والتبعات يعبِّر بمنطقيةٍ وحياديّة ولا يُضَلّل فكر المجتمع الذي يتناقل آراء اصحاب الأقلام والبث البرامجي ويأخذ بها وتسحبه في اتجاهاتٍ معتمة .
بينما تنتهي المواسم وينتقل الصحفيّون إلى أحداثٍ جديدة
لكنّ الأثر الذي لا يُحمد ذكره يبقى .