نظرية 99…. بقلم ناديه نوري
المرفأ….كان هناك ملك استيقظ ذات يوم مهمومًا وحزينًا، رغم أنه يملك كل شيء: القصور، الذهب، الحكم، الأبناء، الزوجة، الخدم، والحراس. ومع كل ما لديه، كان يشعر بالكآبة والحزن. نظر الملك من شرفته إلى حدائق قصره الغنّاء لعله يجد ما يسر نظره أو يحسن من حالته النفسية. وبينما كان يراقب، رأى فلاح القصر ينسق الزهور، مبتسمًا ويغني بفرح.
تعجب الملك من حال الفلاح، ونادى وزيره المقرب ليسأله:
– كيف لفلاح فقير، رث الثياب، يعيش في كوخ متهالك، ويعول أسرة بالكاد يستطيع إطعامها، ومع ذلك هو سعيد ويغني؟ أما أنا، الملك الذي أعطاني الله كل شيء، أعيش في حزن دائم؟
ابتسم الوزير وقال:
– يا مولاي، الأمر بسيط. استخدم “نظرية 99”.
تساءل الملك:
– وما هي نظرية 99؟
أجابه الوزير:
– أحضر كيسًا من النقود وضع فيه 99 دينارًا ذهبيًا، ثم أعطه للفلاح وأخبره أنها 100 دينار مكافأة على إخلاصه.
تعجب الملك وقال:
– لماذا 99 فقط؟ ولماذا أخبره أنها 100؟
رد الوزير:
– افعل ما أخبرتك به، وانتظر حتى الغد لترى النتائج.
امتثل الملك لنصيحة الوزير، فأحضر كيس النقود ووضع فيه 99 دينارًا، وأمر أحد حراسه بتسليمه للفلاح وإخباره بأنه يحتوي على 100 دينار مكافأة من الملك. فرح الفلاح بشدة، وسجد شكرًا لله، ثم أكمل عمله بحماس ونشاط.
عندما عاد الفلاح إلى منزله، أخبر أسرته بالمكافأة، ثم أفرغ الكيس ليعد النقود. وبينما كان يعدها بصوت عالٍ مع أفراد عائلته، اكتشف أن الكيس يحتوي على 99 دينارًا فقط. أعاد العد مرات عديدة، لكنه وجد العدد نفسه.
قالت زوجته:
– ربما سقط الدينار المئة في الطريق.
فقرر الفلاح الخروج للبحث عن الدينار المفقود، رغم إلحاح زوجته عليه بتناول الطعام.
قضى الفلاح ليلته يبحث عن الدينار الضائع، لكنه لم يجده. عاد إلى المنزل حزينًا مكتئبًا، ولم ينم طوال الليل. كان يفكر في الاحتمالات المختلفة:
– هل سرقه خادم الملك؟ لكنه معروف بأمانته.
– هل سقط مني أثناء العودة؟ لكنه فتش الطريق ولم يجده.
في اليوم التالي، ذهب الفلاح إلى عمله مرهقًا وحزينًا. لم يستطع العمل بسبب الإرهاق والتفكير المستمر. جلس تحت شجرة في حديقة القصر واضعًا رأسه بين يديه. أشار الوزير إلى الملك وقال:
– أنظر، يا مولاي. لقد نجحت نظرية 99. لن يعرف فلاحك السعادة بعد يومه هذا.
هذه القصة تعكس حال الكثير من البشر، الذين ينشغلون بما ينقصهم بدلًا من الاستمتاع بالنعم التي يمتلكونها. قال الله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا). السعي والطموح جميلان، لكن يجب أن يترافقا مع الشكر والرضا، حتى لا نقع فريسة مثل ذلك الفلاح الذي أضاع سعادته بسبب دينار واحد.
ذات يوم، سألتني ابنتي:
– هل تريدين أن تكوني سعيدة؟
أجبتها:
– ومن منا لا ينشد السعادة؟
قالت:
– عند استيقاظك صباحًا، اذكري لنفسك 10 نعم تسعدك.
في البداية، وجدت صعوبة في تذكر عشر نعم، لكن مع الوقت، أصبح الأمر أسهل. صرت أعدد عشرات النعم يوميًا، وأدركت أن هذه العادة قادرة على تغيير حياتي بالكامل، وجعلتني أكثر سعادة ورضا.
عزيزي القارئ، السعادة تبدأ بشكر النعم التي تحيط بك. أسأل الله أن يرزقك السعادة، وأن يحيطك بأشخاص إيجابيين يملؤون حياتك بالرضا والفرح.