لا تَخرُج قَبلَ أَن تَقول (سُبحان الله !) بِقَلَم: د.محمد يوسف أبو عمارة

264

 

المرفأ…يَعيش الإِنسان في وَسط مَجموعَة مِن المُتناقضات أَو الجَدليات يَتَذَبذَب مِن هُنا لِهُناك طَيّبٌ أَحيانًا وشرّيرٌ أَحيانًا أُخرى، كَريمٌ تارة وبَخيل تارَةً أُخرى، مُحِبّ وكارِه.. أَبيض وأَسوَد.. كُل هذا لا يعيب صاحبه، ولكنّ المُؤلِم هُوَ أَن تُسَيطِر الصِّفَة السَّلبيّة عَلى الشَّخص وتُصبِح هَوية لَه، لا بَل والأَخطَر أَن تُسَيطِر السِّمَة السَّلبِيَّة عَلى مَجموعَة أَو فِئَة أو أن تصبح سِمَة لَهُم!

كَأن يوصف شعب ما بالبُخل أَو اللُّؤم أَو الأَنانِيَّة أَو سوء الأَخلاق..

وعِندَما تَستَعرِض في ذاكرتك وتَجاربك سَتَجِد أَنّك تَحكُم عَلى فِئَة ما بِسِمَة ما مِن خِلال تَجاربك معهم . ومِن هُنا أَنتَ أَمام قَرار مُهِم إِمّا أَن تَكون مِن القَطيع وتَتَّسِم بِسماتِهم وتُصبِح مثلهم أَو أَن يَكون لَك قوامك وقَناعاتك التي تعطيك السِّمَة التي تُميّزك عَن غَيرك أَي أَن يَكون لَك بَصمَة في هذه الحَياة، وهُناك مَن يَمضي عُمره دونَ أَن يَترك أَثرًا أَو بَصمَة ويَمُرّ مُرور الكِرام ويُنسى بِمُجَرّد مُغادرته للمَجلِس أَو مُغادرته للحَياة!

وما دعاني لِكتابة هذا المَقال هُوَ تَبدّل الأَدوار مِن النَّقيض للنَقيض للبَعض، فَقَد شاهدت أَمس مُقابلات لِبَعض وزراء حُكومتنا الرَّشيدَة الحالية ما قَبل الوزارة ومَا بَعدَ الوزارة والمُقارَنَة بَينَ الكَلام لِنَفس القَضِيَّة قَبل الوزارة وبَعدها لترى التَّغيّر والتَّبدّل في المَواقِف بِدَرجة 180 مِن النَّقيض للنَقيض فَلا تَستطيع إِلّا أَن تَقول بَعد ذلك
“سُبحان الله” أَو “سُبحان مُغَيِّر الأَحوال” .
فَهَل لِلحُكومَة سِحر؟! أَم أَنّ هذا الكَلام -ما قَبلَ الوزارة – كانَ مُجَرَّد كَلام.. لا أَصل لَه.
وأَينَ البَصمَة والشَّخصيَّة والوَطَن والمُواطِن وحقوقه؟!

وَلَو كُنتُ مَكان رَئيس الحكومَة سَأعيد النَّظر بهؤلاء، لأنّ سَبب اختيارهم ضِمنَ الفَريق الوِزاري هِيَ مواقفهم هذه التي سَتخدِم الوَطَن والمُواطِن فالمَفروض أَن يَعمَل عَلى تَحقيق ما طالَب بِه عِندما أَصبح صاحب القَرار، أَمّا التَّبدّل إِلى النَّقيض والدِّفاع عَن الفِكرَة التي كانَ يُحاربها فَهُوَ أَمر يَدعو للعجب العُجاب!

وهُنا أَعود لِمَوضوع السِّمات الشَّخصيَّة أَو البَصمَة التي يَجِب أَن تُمَيّزك عَن غَيرك وأَن لا تَكون منقادًا وَراء الآخرين..

سِمَة أُخرى أَمقتها قَد أَصبحت مِن السِّمات المُلاحظة عِندَ الكَثيرين وأَتمنّى أَن لا تَكون سِمَة للشَعب الأُردني لاحِقًا وهِيَ كَثرة التَّذمُّر والانتِقاد دونَ طَرح الحُلول أَو شُكر النِّعَم.

فَغالِبًا ما إِن تَسأَل أَي شَخص عَن أَي شيء صحّته، أَحواله، الوَضع السِّياسي، حالَة الجَوّ، سَيكون رَدّه سَلبيًّا ناقِدًا رافِضًا.. والله مافي شغل، الدنيا غالية، الجَو زي الزِّفت، السّياسَة بِتخوّف وما بِتعرف شو بده يصير، الله يجيرنا مِن اللّي جاي، خلّيها عَلى الله.. والعَديد مِن العِبارات التي أَسمعها شِبه يَوميًّا عِدَّة مَرّات..

وهُنا أُؤَّكِّد أَن يَكون لِكُل شَخص ما يُميّزه عَن غيره وأَن يُحِبّ ما لَديه حَتّى يَأتيه ما يُريد.. واختَر أَن تَكون أَداة للتَغيير وأَن تَكون أَنتَ مَن تَختار لا أَن تَكون ضِمنَ خُطَط الآخرين مُجَرَّد مُنَفّذ لَها دونَ قَناعَة أَو حُبّ أَو إِنتاج.
ولدنا لآباء وأمهات أصحاب قضية وأخلاق وعادات وتقاليد نفتخر بها، وتتساءل من يأتي أبناؤنا وبناتنا بعاداتهم وثقافتهم التي لانحب ، إنها منك سيدي المهمل غير المتابع غير المتمسك بهويتك، طالما أنه ليس لديك بصمة فلتكن جاهزاً لأن يضع الآخرون بصماتهم عليك وعلى حياتك وعائلتك ومجتمعك .

قد يعجبك ايضا