مثلك الأعلى وقدوتك في الحياة بقلم نادي نوري

454

 

المرفأ….لكل منا شخص يمثل النور الذي يستنير به، ويتخذه مثلاً أعلى ليعلو بنفسه ويشيد سقف طموحاته، ويشق طريق حياته بثبات وعزيمة وسمو أخلاق. من خلال بحثي، سألت الكثير عن من هو مثلك الأعلى، وتفاوتت الإجابات بين من اختار نبيه وكيف تأثر به وبتعاليمه، وبين من اختار أشخاصًا عاديين حولنا.

الأكثرية قالوا: “أبي”، ومعهم كل الحق، لأن الأب هو المعلم الأول والمنظار للعالم الخارجي. أنا شخصياً، فإن والدي هو قدوتي ومثلي الأعلى، وكلما ارتقيت درجة، تذكرت أبي لأجد نفسي قطرة في بحره دينا وعلماً وثقافة ومعرفة وخلقًا. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وكثيرون قالوا: “أمي”، ومعهم كل الحق أيضًا، لأن الأم هي بوابة الإنسان نحو عالمه الخارجي. هي أول من يراه المولود، ويتعلم منها كل جوانب الحياة. حتى وهو ما يزال جنينًا، تحمله في أحشائها قبل أن يرى نور الحياة. حيث أثبت العلماء أن الجنين في بطن أمه يسمع ويشعر بالعالم الخارجي ويتأثر بمشاعر الأم، ويشعر بحزنها وفرحها، ويشاركها بذلك. حتى الكاميرات الحديثة صورت الجنين وهو يضحك ويصفق.

أما البعض، فقد اختار المعلم، وآخرون اختاروا الأخ الأكبر، وغيرهم اختاروا شخصيات تاريخية أو مشاهير حديثين. كل واحد شرح تبريره لاختياره ومدى تأثره بهذا البطل المميز.

لكن ما استوقفني هو رأي المثقفين والكتاب الأجانب في سيدنا محمد، نبي الإسلام. علماً أنهم قالوا شهادة حق مع تمسكهم بدينهم. ولا عجب أن الكاتب الفيزيائي اليهودي الأمريكي، مايكل هارت، صاحب كتاب “الخالدون المئة”، اختار نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام ليكون على رأس الأشخاص المئة الأكثر تأثيرًا في التاريخ. وقال عنه: “النبي محمد هو الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا على المستوى الديني والدنيوي.”

كما ذكر الكاتب الاسكتلندي توماس كارليل، الحاصل على جائزة نوبل، أن النبي محمد كان شهابًا أضاء العالم أجمع. وكذلك قال عنه الكاتب والفيلسوف الإنجليزي برنارد شو: “النبي محمد منقذ البشرية، والعالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكيره.”

أما المستشرقة الألمانية، الدكتورة زيجريد هونكة، فقد قالت في كتابها “شمس الله على الغرب”: “إن محمدًا والإسلام شمس الله على الغرب.”

وهكذا أجمع أغلب الكتاب والصحفيين والمفكرين المعتدلين على أن نبينا محمد هو أعظم رجل في التاريخ. ونحن أولى أن نتخذه قدوتنا ومثلنا الأعلى من خلال دراسة مستفيضة عن سيرته، ولا نعتمد على ما درسناه في كتبنا المدرسية، لأنها معلومات ضئيلة لا تعطيه حقه في ما حباه الله من صفات شخصية وذكاء فطري وشجاعة مطلقة وإنسانية ورحمة.

بعضنا يتشدق بالغرب وتقدمه العلمي والتكنولوجي، لكنه لا يدرك أن العالم الغربي أهمل جوهر الإنسان. كما قال الصحفي السويسري روجيه دوباسكوبيه في كتابه “إظهار الإسلام”: “لا يقنع الإنسان بالحضارة الغربية، لأنها تقدم له كل شيء إلا الجوهر.”

وهذه حقيقة؛ فقد أهمل العالم الغربي الروح وجوهر الإنسان، لذا لا نستغرب من مشاهدة جمعيات أهلية تطالب بمساواة الإنسان بالحيوان، نتيجة التردي الذي أصاب الإنسان الغربي. ولا عجب أن نسمع عن إحدى السيدات التي تنفق الملايين لتحول وجهها إلى وجه قطة، وآخر يتحول إلى كلب، وآخرون يغيرون وجوههم إلى أشكال شيطانية أو يزرعون قرونًا في جماجمهم. كل هذا نتيجة التخبط وضياع الهوية.

علينا جميعًا، مهما كانت ديانتنا، أن ننتبه إلى أبنائنا والنشء الجديد، ماذا يتابع؟ وما هي الأخبار التي تشد انتباهه؟ علينا توجيه اهتمامه نحو اختيار نماذج سامية ترتقي به وبأخلاقه وأهدافه وميوله، كي ننهض بمجتمعاتنا نحو القمة في الحضارة والثقافة والرياضة والفنون والآداب والعلوم.

قد يعجبك ايضا