بقلم فراس القيسي دروس في الدبلوماسية.. من الرسول الى الحفيد الملك
المرفأ….يُعد صلح الحديبية محطة فارقة في تاريخ الإسلام،حيث أظهر النبي محمد ﷺ بُعد نظره وحكمته السياسية، فقبل بشروط ظاهرها مجحف، لكنه أدرك أن الصلح سيفتح آفاقًا أوسع لنشر الدعوة الإسلامية، وهو ما حدث لاحقًا بفتح مكة دون قتال. لقد كان هذا الصلح نموذجًا في الدبلوماسية الهادئة والتفاوض الاستراتيجي من أجل تحقيق المصالح الكبرى للأمة، إلا أن ذلك لم يكن بدافع الضعف، فقد جاء النبي ﷺ إلى الحديبية ومعه جيش من الصحابة، مستعدًا للقتال إن فُرضت الحرب، لكنه فضّل التفاوض حقنًا للدماء وتحقيقًا لمصلحة الإسلام على المدى البعيد.
على نهج هذه الرؤية الحكيمة، يسير جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يواجه تحديات المنطقة بالحكمة ذاتها، مقدمًا السياسة على الصدام، والتفاوض على المواجهة، إدراكًا منه أن حماية مصالح الأردن والعالم العربي تتطلب صبرًا استراتيجيًا ورؤية مستقبلية.
وكما أثبت صلح الحديبية أن السلام المدروس قد يكون مقدمةً لنصر أعظم، كذلك تمثل جهود جلالة الملك في حماية الأردن وتعزيز دوره الإقليمي امتدادًا لهذه المدرسة القيادية، حيث يدرك أن القوة الحقيقية لا تكمن في خوض المعارك، فحسب، بل في الاستعداد لها مع السعي الدائم لتحقيق الأمن والاستقرار عبر الدبلوماسية الحكيمة والقرار المدروس
قال: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم (لم نرض الدنية في ديننا) وذلك عند كتابة صلح الحديبية مع الكفار، وفيه جاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي: «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما الرحمن فهو الله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، اعترض المسلمون على هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتب باسمك اللهم» ثم قال: هذا ما قضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله).
هذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، الصبر والأناة، الحلم والحكمة، إنه ولا ريب المنهج الحق، منهج تجاوز العقبات الصغيرة والصبر عليها في سبيل تغليب المصالح الآتية، وهو يعلم صلى الله عليه وسلم علم اليقين أنه على حق
ما أشبه الليلة بالبارحة، حيث رؤية سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين- وكانت رؤية صائبة – الصبر على بذاءات اسرائيل الحاقدة وأبواقها من ببغاوية الداخل والخارج إلى حين معين، وإيجاد مناخات لإزالة أوجه الاحتقان معهم، وسد الذرائع التي يتدثرون بها، وعندما تبين لجلالته أنه لم يعد للصبر والمصابرة على اسرائيل وببغاواتها في الداخل أي جدوى وفائدة، حيث التمادي وقلة الحياء والبجاحة وإثارة للفتن، كانت الوقفة الحازمة الجازمة الشجاعة من سيدي صاحب الجلالة .
هؤلاء القوم لا مجال للتعايش معهم، وعلى دعاة التقارب أن يستيقظوا من أحلامهم، وأنه لا يمكن أن نلتقي معهم بحال، الصهاينة يعدون الإسلام عدوهم الأول، وحسب مقولة: اقطع لها من جنبها عصا.
سر يا سيدي على منهجك في الحزم والعزم مؤيدًا من الله، ومن مواطنين مؤيدين واثقين في حكمتك وحنكتك وقدرتك، إنهم يحبونك ويدعون لك بالمزيد من التوفيق والسداد.