الجندويل القصة التي لا تروى بقلم.. نادية ابراهيم القيسي

397

 

المرفأ…ما بين الأزقة العتيقة و دروب المدنية الحديثة ما بين وضوح النهار بأهله الطيبين الكرام وعتمة الليل مسعى عرابيد الظلام يقف صرحٌ شامخ في قلب العاصمة الأردنية عمان يحمل في طياته أسرار الدولة أمنها وأمانها درعاً حصيناً من دروعها ألا وهو مقر دائرة المخابرات العامة الأردنية أو كما يعرف بالجندويل، مقر الرجال الأشاوس الذين نذروا حياتهم لحماية هذا الوطن بترابه وسمائه بحدوده وعليائه سنداً لكل من يقطن على أرضه ولجميع أبنائه وبناته أينما كانوا.

رجال الجندويل هم العيون اليقظة الساهرة التي لا تغفل ولا تنام العاملة في صمتٍ عزيز يضج بالتضحيات والبطولات بعيدًا عن الأضواء الساطعة، الاستعراضات الهوجاء والتبجح بالشعارات الطنانة الهادفة فقط للفت الانتباه، فهم الرازحون دوماً بثبات تحت وطأة الضغوطات الداخلية والخارجية المتزايدة ليبقى الأردن ينعم بالأمن والسلام باختلاف السبل والأزمان. إنهم (رجال الظل) فرسان الحق نشامى الوطن وكل من ينتسب لهم في كافة المواقع والميادين.

رجال المخابرات العامة الأردنية، نشؤوا من رحم هذه الأرض، أبناء هذا التراب النقي الطاهر، ترعرعوا في بيوته، تتلمذوا في مدارسه و تجرعوا الوطنية الحقة في كل خطوة ساقتها أقدامهم فوق دروبه. هم الرجال الأوفياء بولاء خالص بلا أدنى ذرة شك وبقوة لا تكمن فقط في التقنية والتدريب، بل بايمانهم العميق المطلق برسالتهم السامية التي يؤدونها كجنود للوطن حماة للأرض والعرض بواجبهم المقدس”الأردن أولاً” مهما كان الثمن. لقد غابت عنا أسماء هؤلاء الرجالات الصناديد إلا أن أفعالهم الحميدة ستبقى محفورة في سجل ذاكرة الوطن لتظل تضحيات قواتنا الأمنية والعسكرية صفحةً مشرقة في تاريخ هذا البلد. فهم الجنود المجهولون الذين لم يطلبوا التصفيق، ولم ينتظروا التكريم، بل اكتفوا بأنهم أدوا واجبهم بشرفٍ وإخلاص. رجال الجندويل ليسوا مجرد جهاز أمني، بل هم قصة الأردن التي لا تروى كاملة، لكننا نشعر بها في كل لحظة أمان نعيشها. إنهم وسائر قواتنا الأمنية والعسكرية الخط الأحمر الذي لا يُقبل المساس به إطلاقاً ومن يحاول أن يتخطاه لا يمثل إلا نفسه وجماعته المعنية بهذا التجاوز بما يخدم مصالحهم الذاتية قبل السياسية.

إن الجندويل و رجاله لا يحتاجون من يدافع عنهم أمام من يمارسون التعريض المغرض في خطاباتهم الجوفاء الرنانة.فأفعال المخابرات العامة الأردنية هي الفيصل الذي يغني عن أي قول أو خطاب فكم من تهديدٍ أحبطوه من خلال عمليات استباقية أجهضت العديد من المخططات الخبيثة التي كادت أن تتحول إلى جرم قاتل؟ وكم من مؤامرة تفككت خيوطها تحت أيديهم قبل أن ترى النور؟ كم من شهيد قدموا فداءً لما عاهدوا الله عليه من أمانة وذود عن الوطن؟ فمهما قيل وكتب لا حصر لعظيم جهودهم من مكافحة الإرهاب إلى تفكيك شبكات التجسس، التصدي للتهريب وحماية الحدود في خضم كل الصراعات الاقليمية الأمنية والسياسية الهائلة التي تخوضها منطقة الشرق الأوسط، إذ أن الموقع الجغرافي الأردني ليس إلا مرجلاً يغلي بالتحديات الصعبة المتفاقمة فالحروب من حولنا مستعرة مسعورة تحاول مد ألسنة نيرانها المشتعلة لتقترب منا بمطامعها الدنيئة أكثر فأكثر، والتطرف الذي يحاول التسلل في الثنايا تحت جناح شتى المسميات لتحقيق مآرب الأجندات الخارجية، والمخدرات التي تسلك طرقًا وعرة للوصول إلى أيدي تجار الموت لتعيث فساداً في شباب أمتنا وبغياً في تحويل الأردن لمقر وممر حيوي ناشط.
أمام كل هذه التكالبات الجمة نجد و بكل حزم وعزم رجالات المخابرات العامة الأردنية يداً بيد مع سائر قواتنا الأمنية والعسكرية يقفون بالمرصاد سداً منيعاً لا يقهر يضرب بيد من فولاذ لدرء كل تهديد أو خطرٍ محتمل أو داهم، ففي كل عملية أمنية عسكرية ناجحة كانت هناك أيادٍ مخلصة خفية عملت بتفاني وجهودٌ مضنية لم يعرف عنها المواطن العادي شيئًا، لكنه بفضلها نام قرير العين آمناً ينعم بالسكينة والاطمئنان.

سيقال، كما جرت العادة “سحيجة مطبلون ومنافقون” مع باقي الاتهامات التي تكال دوماً جزافاً بلا منطق أو ادراك، لكن هي وقفة تضامن حر احتراماً لقواتنا الأمنية والعسكرية وجهودهم الجبارة فتحية صادقة لهم، لكل عينٍ ساهرة، لكل يدٍ أمينة، لكل قلبٍ نابض بحب الأردن. لكل عقل واعٍ مدرك أن وحدتنا الوطنية و وقوفنا صفاً واحداً متراصاً خلف قيادتنا الهاشمية وقواتنا الأمنية المسلحة والعسكرية يُبقى هذا الوطن شامخًا، أبيًا، عصيًا على الأعداء، ومضيئًا كنجمة في سماء الشرق ترفرف فيها رايتنا الشامخة الله الوطن المليك تحت الراية الهاشمية دائماً وأبداً.
والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا