المجد الأردني.. تأهل تاريخي للنشامى وحضور ملكي يعزز الإرادة الوطنية بقلم النائب أيمن البدادوة
المرفأ…رغم خسارتنا في المواجهة الأخيرة أمام العراق، وقف منتخب الأردن شامخًا على أرض الملعب، مرفوع الرأس، لا لأن النتيجة أتت لصالحه، بل لأن تأهله إلى نهائيات كأس العالم كان ثمرة عرق وجد وجهد لا ينكسر أمام أي عثرة أو عقبة.
لكن المشهد الأبرز الذي سيظل محفورًا في وجدان الأردنيين ليس هدفًا مُلغى، ولا حتى لحظة إعلان التأهل، بل هو وجود جلالة الملك عبدالله الثاني في المدرجات، يتابع المباراة بعين المشجع الحريص، وبعقل القائد الحكيم.
كان بين الناس، واحدًا منهم، يهتف معهم، يحبس أنفاسه معهم، كأنه أب يشاهد أبناء وطنه يتقدمون نحو المجد.
حضور الملك لم يكن مجرد واجب رسمي، بل كان تجسيدًا حيًا لوطنية حقيقية تعانق كل التفاصيل، تقول بصوتٍ واحد: “أنا معكم، في كل تحدي، في كل لحظة نضال”.
لقد خسرنا اللقاء، لكننا ربحنا التاريخ. تأهلنا للمونديال لأول مرة، ليس لأننا كنا الأفضل في كل مباراة، بل لأننا كنا الأشد إيمانًا، الأوفى التزامًا، والأقرب إلى الحلم الذي لا يذبل.
هذه القصة ليست مجرد مباراة، بل رؤية وطنية تمتد جذورها إلى سنوات من العمل الدؤوب، حين اعتُبر الاستثمار في شبابنا وفي الرياضة ضرورة وطنية لا غنى عنها. من مدن رياضية متطورة، إلى دعم لا محدود للأندية، ودمج الرياضة في المناهج التعليمية، تم بناء هذا الإنجاز الكبير، الذي أبكى الملايين بفرحه، رغم أن التأهل لم يأتي عبر انتصار أخير فقط، بل عبر رحلة طويلة من الإصرار والإيمان.
تأهل منتخبنا ليس انتصار 11 لاعبًا فقط، بل هو انتصار فكرة الأردن؛ وطن يراهن على طاقات شبابه، وحيث يقف الملك بين الجماهير، ويحتفل شعب بأكمله بإنجاز لم يكن هبة من القدر، بل ثمار إرادة لا تلين.
في كأس العالم، سيحمل النشامى راية الوطن بفخر، لكن في قلوب الأردنيين، سيبقى هذا الإنجاز أكبر من كرة القدم، لحظة تجسد إرادة شعب وقائد لا يعرفان المستحيل.