صبرُ أمٍّ صارَ نبراسَ أمة ✍️ بقلم: نادية إبراهيم نوري
المرفأ…انقضت أعظم أيام السنة… أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، تلك الليالي التي أقسم الله بها في كتابه الكريم ﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾.
أيامٌ استقبلناها بالدعوات والذكر والتكبير، فارتفعت الأصوات بالتلبيات وامتلأت القلوب بالأمل، رجاءً في مغفرة من الله أو عطيةٍ طال انتظارها. تزينت المساجد والساحات بالتكبيرات، وسكنت الأرواح بسكينة الإيمان.
شهدنا يوم عرفة، ذاك اليوم العظيم الذي تُرفع فيه الدعوات وتُغفر فيه الذنوب، ثم هلّ علينا صباح العيد، وتزينت البيوت بالأضحيات والضحكات، وتجمّع الناس لصلاة العيد وسماع الخطبة التي تذكرنا بإيمان نبي الله إبراهيم وطاعة ولده إسماعيل.
لكن وسط هذه القصة العظيمة، يبقى سؤالٌ يتجدد كل عام:
أين هي السيدة هاجر؟
تلك المرأة التي كان لصبرها وإيمانها ورضاها أثر خالد، غُرس في شعيرة من شعائر الحج، يتكرر كل عام إلى يوم القيامة.
هاجر…
هي الشابة المصرية السمراء، الجميلة، التي يُقال إن اسمها في اللغة المصرية القديمة يعني “أرض اللوتس” (ها = زهرة، جر = أرض).
كانت أميرة، ثم شاء الله أن تكون جارية، فأصبحت زوجة لنبي الله إبراهيم، وأمًا لنبيه إسماعيل، بعد طول انتظار.
ثم جاء أمر الله، وتركها إبراهيم مع رضيعها في وادٍ لا زرع فيه ولا ماء. لم تضعف، لم تثر، لم تشكُ، بل سألت:
“أهذا أمر ربك؟”
قال: نعم.
قالت: “إذن لن يضيعنا.”
يا لعظمة اليقين! ويا لصبر الأمهات حين يتعلّق القلب بالله وحده!
سعت بين الصفا والمروة سبعًا، بحثًا عن الماء، هرولة ويقينًا وأملاً، فاستجاب الله لدعائها، وضرب جبريل الأرض فنبعت زمزم من تحت قدم صغيرها.
فكانت هاجر…
• المؤمنة التي خُلّد سعيها.
• والأم التي صارت قدوةً في التضحية والثقة بالله.
• والزوجة التي استسلمت لأمر ربها.
• والمرأة التي اصطفاها الله، فكان من نسلها خاتم الأنبياء محمد ﷺ.
قد انقضى العيد، لكن دروسه باقية…
تبقى ذكرى هاجر درسًا يتجدد في كل عام: أن صبر النساء يصنع مجدًا، وأن يقين الأمهات يُثمر أمةً.
رحم الله السيدة هاجر، وجزاها عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
تقبل الله طاعاتكم، وأعاد الله عليكم هذه الأيام المباركة بالخير والبركة. وكل عام وأنتم بألف خير