تحقيق العدالة الصحية: الحكومة تنتصر للكرامة الأردنية..بقلم الدكتور قاسم العمرو
المرفأ…في خطوة وطنية طال انتظارها، أعلنت الحكومة الأردنية عن برنامج تأميني غير مسبوق يفتح أبواب مركز الحسين للسرطان أمام 4.1 مليون مواطن، ضمن رؤية تنموية وإنسانية تعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن على أسس من العدالة والكرامة والمساواة في الحق في العلاج.
هذا الإنجاز لا يُعدّ مجرد إجراء إداري أو رقمي، بل هو تحوّل جذري في مفهوم الرعاية الصحية، تسجّله كتب الدولة الأردنية الحديثة بقيادة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، وبتوقيع إنساني واضح من وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، الذين حملا هذا الملف بمسؤولية تاريخية، وأدركا أن الكرامة تبدأ من توفير العلاج، وأن العدالة الاجتماعية لا تكتمل دون عدالة في مواجهة المرض.
من خلال تخصيص 124 مليون دينار من موازنة 2026، وفّرت الحكومة مظلّة علاجية تغطي الفئات الأكثر هشاشة: كبار السن ممن تجاوزوا الستين، جميع الأطفال ومن هم دون 19 عامًا، كافة منتفعي صندوق المعونة الوطنية، إلى جانب غير المؤمنين من الفئة العمرية 20-60 عامًا الذين سيُعالَجون في مستشفيات القطاع العام مع إمكانية التحويل إلى مركز الحسين للسرطان حسب البروتوكولات الطبية المعتمدة.
هذا البرنامج لا ينقذ حياة الأفراد فحسب، بل ينقذ الدولة من البيروقراطية والمزاجية المرتبطة بطلبات الإعفاء، إذ يتحوّل النموذج العلاجي من نظام الاستجداء إلى منظومة تأمينية مستدامة، تبدأ ببطاقة إلكترونية تصدر عبر تطبيق “سند”، وتنتهي بعلاج يليق بالكرامة الإنسانية.
الحكومة اليوم لا تمنح منّة، بل تعيد حقًا ضائعًا منذ سنوات، وتغلق فجوة ظلّت تؤلم الأردنيين كلما سمعوا عن طفل يُمنع من العلاج أو مسنٍّ يُجبر على بيع بيته ليدفع ثمن جلسة كيماوي.
نصف مليار دينار، منها 130 مليون دينار متأخرات ورثتها هذه الحكومة من حكومات سابقة، لم تكن مجرّد أرقام، بل ديون أخلاقية سُدِّدت اليوم على مرأى الأردنيين. وإن كان لكل حكومة إرث، فإن هذا القرار سيكون الإرث الأهم والأبقى لحكومة الدكتور جعفر حسان، لأن ما يُكتب في ضمير الناس أقوى من أي خطاب.
ختامًا، ما حصل ليس مجرّد خبر صحفي، بل عنوان لمرحلة جديدة من الإنصاف الاجتماعي. وهو دليل أن الحكومات، متى ما امتلكت الإرادة السياسية والإنسانية، تستطيع أن تغيّر واقعًا ظنه الناس مستحيلاً. فشكرًا لكل من جعل من كرامة المواطن الأردني أولويّة لا تُؤجَّل.