التصنيفات العالمية: وسيلة لا غاية، ومحفّز للتميّز لا صانع له..بقلم الدكتور علاء الدين الحلحولي
المرفأ…تُعدّ التصنيفات الأكاديمية العالمية، وعلى رأسها تصنيف QS، من الأدوات المهمّة التي تساعد الجامعات على تقييم أدائها وفق معايير دولية دقيقة تغطي مجالات متعددة، تشمل السمعة الأكاديمية، وجودة البحث العلمي، وقابلية التوظيف، وسمعة الخريجين، والاستدامة، والانفتاح العالمي. وهي أشبه بمرآة تعكس نقاط القوة وتُظهر فرص التطوير، لتُسهم في رسم مسارات التحسين المؤسسي وتعزيز التميّز المستدام.
وفي هذا السياق، نحمد الله ونعتزّ بأن الجامعة الألمانية الأردنية تواصل تقدّمها بثقة وثبات على الساحة الدولية، حيث صعدت من الفئة (1001–1200) في تصنيف QS لعام 2024، إلى الفئة (900–950) في عام 2025، وصولًا إلى الفئة (800–850) في نسخة عام 2026، محققة بذلك قفزة نوعية تجاوزت نسبتها 30% خلال عامين فقط. إنّه إنجاز نوعي يُجسّد جهودًا تكاملية عظيمة من كوادرها الأكاديمية والإدارية والطلابية، ويُضاف بفخر إلى سجلّ الأردن العلمي والوطني الزاخر.
لكن ما نودّ التأكيد عليه هو أن التصنيفات ليست المعيار الوحيد لقياس نجاح الجامعة أو سمعتها. فهي قد تعكس بعض الإنجازات، لكنها لا تختزل هوية المؤسسة، ولا رسالتها العميقة، ولا أثرها الحقيقي. والدليل على ذلك أن العديد من الجامعات الأوروبية العريقة، وخصوصًا الألمانية، لا تتقدّم لهذه التصنيفات لخصوصية مهمتها وأهدافها، رغم مكانتها الأكاديمية الرفيعة، ومخرجاتها المتميزة، وتأثيرها الواسع في مجالات الاقتصاد والابتكار والتنمية.
ونحن في الجامعة الألمانية الأردنية، نُدرك أن التميّز لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بمدى ارتباطنا بالواقع، وبقدرتنا على إعداد خريجين مؤهّلين قادرين على إحداث فرق حقيقي في مجتمعاتهم، في مجالات التكنولوجيا، والابتكار، وريادة الأعمال، والتعاون الدولي.
فالجامعات، بطبيعتها، مؤسسات لها رسالتها، وقد أُسّست لأداء أدوار مختلفة بحسب توجّهها ومجالات تخصصها. منها ما هو بحثي، ومنها ما هو تطبيقي أو تقني، ومنها ما يخدم القطاعات الطبية أو الهندسية أو الدفاعية. وبالتالي، فإن معيار النجاح الحقيقي هو الأثر الإيجابي الذي تُحدثه الجامعة في بيئتها المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى موقعها في التصنيفات.
ومن هذا المنطلق، نهنّئ الجامعة الأردنية الأم على تميّزها وتقدّمها في التصنيف، وهو إنجاز وطني مشرّف يُسجّل لها وللوطن. كما نوجّه التهنئة لجامعة العلوم والتكنولوجيا على دخولها مصافّ الـ 500 جامعة عالميًا، ممّا يعكس مسيرة غنية بالعطاء والجد والاجتهاد لجامعاتنا العزيزة. ونبارك كذلك لجميع الجامعات الأردنية التي حقّقت قفزات نوعية في التصنيف، ونأمل أن يمتدّ هذا التميّز ليُترجم إلى أثر أعمق في المجتمع والقطاعات الحيوية التي نخدمها جميعًا.
فليكن التصنيف حافزًا لا غاية، وأداة للبناء لا معيارًا وحيدًا للنجاح. ولنواصل معًا تعزيز دور جامعاتنا كمنارات للعلم، ومحركات للتنمية، وصانعات للتغيير الإيجابي.
رئيس الجامعة الألمانية الأردنية
الأستاذ الدكتور علاء الدين الحلحولي