بين السعي والرضا: دروسّ من رحلة الحياة.. كتبت د سماح إبراهيم عبد العزيز
المرفأ…كلٌ ميسرٌ لما خُلق له… رسالة من القلب لكل من وجد نفسه أمام مسؤولية لم تكن في حسبانه، ظن أنه أجبر عليها، لكنه اختير لها بعناية من الله. فالاختيار ليس عبثًا، بل لحكمة يعلمها الله حتى إن لم يدركها الإنسان في لحظتها. لا بد من السعي في الطريق، والتخبط جزء منه، لكن الأهم هو الثقة بأنك قادر على العبور، مهما بدت البداية غير واضحة.
ربما تتخبط، وربما تسير بلا خريطة واضحة، وربما تسأل نفسك مرارًا: لماذا أنا؟ لكن تذكّر: الله يعلم وأنت لا تعلم. فقط سِر، وابذل ما تستطيع، وارضَ عن اختيار الله لك. واصل الرحلة، حتى لو لم تفهم البداية، فالفهم أحيانًا لا يأتي إلا عند الاقتراب من النهاية.
راقت لي هذه الرسالة بعدما مضيتُ في أغلب الطريق، وبعدما اقتربت الرحلة من نهايتها. نظرت خلفي، وتفكرت، فوجدت أنني لم أكن وحدي أبدًا، وأن كل عثرة كانت لحكمة، وكل تأخير كان توقيتًا إلهيًا دقيقًا، وكل تعب كان يحمل في طياته درسًا ومنحة.
لكل من هو في بداية طريقه أقول له
عليك بأمرين لا ثالث لهما: **السير برضا والاستمتاع بالرحلة**. الوصول محتوم، ولكل شيء نهاية، لكن الروح الحقيقية تكمن في الرحلة ذاتها. فالطريق ليس مجرد وسيلة للعبور، بل هو تجربة مليئة باللحظات التي تصقل الإنسان، تعلمه، وتقوي عزيمته.
كم من المحن تحمل في طياتها منحًا عظيمة؟ هناك لحظات يكون فيها الألم شديدًا، لكن إن نظرنا بتأنٍ، نجد أن كل محنة تُخفي فرصة للنمو. الرضا لا يعني الاستسلام، بل هو القبول الإيجابي الذي يدفعنا لاستخراج أفضل ما يمكن من كل ظرف، حتى من الأوقات العصيبة.
فالرحلة حتمًا ستنتهي، والوصول قادم لا محالة، لكن المهم أن تصل دون أن تفقد نفسك، دون أن تمرّ بالزمن ولا تمرّ بك اللحظة.
استمتع بما تستطيع، التقط النِعم الصغيرة، ولا تجعل العراقيل تحجب عنك نور الطريق.
قد قُدّر لنا أشياء لم نكن نعلمها، لكن يكفينا أن نعلم أننا أُذن لنا بالعيش ليوم جديد.
فلا تكتب في أيامك ما يزيد حيرتك، بل دوّن ما يُريح بالك، ويشفي صدرك عند الوصول لنهاية الرحلة.
في كل رحلةٍ منحة، وفي كل طريق متعة تنتظر أن تُكتشف… فامضِ بثقة، واسعَ برضا، واستمتع بالسير دون أن تضيّع الفرصة من يديك.
كتبت د سماح إبراهيم عبد العزيز
اخصائي صحة نفسية
استشاري ارشاد اسري ونفسي