الذكا ءالاصطناعي وملامح الثورةالتكنولوجية الجديدة كتاب للدكتورة فاطمة عبدالفتاح
المرفأ…تقول الدكتورة فاطمة الزهراء. برز الذكاء الاصطناعي متغيراً رئيسياً له آثار عميقة على ديناميكيات القوةالعالمية، ومجالاً لتنافس الدول على تحقيق الهيمنة
التكنولوجية عبر ضخ الاستثمارات
العملاقة في بحوث وتطوير الذكاء الاصطناعي من أجل قيادة المشهد العالمي للابتكاروالتقنيات الفائقة
ولا تقتصر أبعاد تنافس القوة العالمي في هذا الشأن على الأبعاد المتعلقة بالابتكار
والتطوير والتقني، وإنما تمتد للعديد من
المجالات التي تشملها تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛
بدءاً من قطاعات الدفاع والاستثمارات المالية وإدارة الأعمال حتى خدمات التعليم
والصحة
والإعلام إلى مجالات الثقافة والفنون
، وسط مجموعات واسعة من الاحتمالات الفائقة،
لا سيما بفعل تكامله مع تقنيات إنترنت
الأشياء والبيانات الضخمة والحوسبة الكمومية
.وغيرها
تبرز العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ومقومات القوة
بأنماطها الصلبة والناعمة والحادة؛ حي
ث تسعى الدول إلى تعزيز قدراتها عبر تلك
الأنماط
وهيمنتها الدولية؛ عسكرياً واقتصادياً من أجل توجيه المشهد والتأثير على سلوك المنافسين بما يحقق مصالحها ويعزز نفوذها
ودبلوماسياً وثقافياً، سواء تم ذلك باستخدام أداوت
القوة الصلبة الصارمة المدعومة بدمج الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجيات
العسكرية،
– والعمليات الاستخباراتية، والأمن السيبراني، والابتكار الدفاعي
بما يعزز قدرات الدولة
على تأكيد نفوذها، وردع الخصوم،
وتحقيق الأهداف الاستراتيجية في بيئة عالمية متزايدة
التعقيد والتنافسية، فضاً عن تعزيز القوة الاقتصادية والقدرة على إعمال التدابير
القسرية
– والأساليب العقابية
أو تم ذلك من خال القوة الناعمة التي تشهد توسعات جديدة
بفعل تأثيرات الذكاء الاصطناعي في
الممارسات الدبلوماسية والصناعات الإبداعية الثقافية
والفنية والإعلامية، وكذلك تقديم قيم الدولة عبر مساعيها لحوكمة تلك التقنيات،
وتأصيل
أطرها الأخلاقية المسؤولة؛ ما يعزز ممارسات القوة الذكية بالجمع بين سلطة الإكراه
والقسر في القوة الصلبة، وجاذبية الإقناع
.والتأثير في القوة الناعمة
وما بين هذا وذاك، لا ينأى الفاعلون الدوليون عن توظيف الذكاء الاصطناعي لممارسة
القوة الحادة، بشن الهجمات السيبرانية وعمليات
لا التأثير وحم
ت التلاعب وتشكيل الآراء
والمواقف، وهي القوة التي تتخذ أهميةً مضاعفةً في فترات الحروب والأزمات وفعاليات
.التصويت العامة
ويتناول هذا الكتاب العلاقة بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وموازين القوة العالمية
بأنماطها الصلبة والناعمة والحادة، عبر تسعة فصول؛
يتناول الأول الذكاء الاصطناعي
من منظور القوة بتأصيل مفهوم القوة في العلاقات الدولية، وتحديد أبعاد الاشتباك بين
الذكاء الاصطناعي وغيره من الممارسات والظواهر المتصلة بالقوة؛ للكشف عن أوجه
تأثيره في ديناميات القوة العالمية، وتوجهات
.الدول الكبرى في هذا الشأن
ثم تركز الفصول الثاني والثالث والرابع على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والقوة
الصلبة، بمناقشة أثر تقنيات الذكاء الاصطناعي
الدفاعي في تعزيز القوة العسكرية وتغيير
ساحة الحرب المستقبلية، وأبعاد التنافس العالمي في هذا الشأن، وكذلك الاعتبارات
الاستراتيجية والأخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي العسكرية، وأثر الذكاء الاصطناعي
في تعزيز القوة الاقتصادية للدول من منظور
التنافس بين الخصوم الجيوسياسيين، وكذلك
العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وفرض العقوبات، سواء كمجال للعقوبة أو أداة
لتحري
تطبيقها وتطبيق سياسات الامتثال، بما يعزز قدرة الدولة على ممارسة الضغوط التي
.تفرض إرادتها الدولية
وفي مقابل هذه القوة القسرية، يركز الفصان الخامس والسادس على العلاقة بين
الذكاء الاصطناعي والقوة الناعمة، بإلقاء الضوء على
أبعاد الاندماج والتداخل بين
الدبلوماسية والذكاء الاصطناعي، والممارسات المستحدثة التي فرضها هذا التداخل، وإعادة
تعريف أنشطة
الدبلوماسية العامة والخدمات القنصلية وأساليب التفاوض، بما يحمله ذلك
من تأثير على صورة الدولة وقيمها التي تقدمها للعالم،
بالإضافة إلى معالجة توظيف
الذكاء الاصطناعي بمجالات الثقافة والفنون والإعام ونماذج مبدعي الروبوت ودلالات
هذه النماذج بشأن
.المصادر غير النمطية للقوة الناعمة للدول
ويركز الفصان السابع والثامن على توظيف الذكاء الاصطناعي في ممارسات القوة
الحادة، بالتركيز على الدعاية الحاسوبية من حيث
مفهومها وتأثيرها وتوظيفها أداةً للتنافس
الجيوسياسي بين الفاعلين الدوليين، بجانب الهجمات السيبرانية الفائقة، بالتركيز على
مفهوم
التعلم الآلي العدائي، وتهديدات الدولة القومية باعتبارها الانعكاس الأهم لتوظيف
الهجمات السيبرانية كمصدر للقوة الحادة في
.الصراعات الجيوسياسية
وأخيراً، يتناول الفصل التاسع ملامح التنافس الدولي بشأن المرجعية المعيارية للذكاء
الاصطناعي المسؤول والجدير بالثقة، التي تقدم
من خلالها الدول سياساتها وقيمها
الأخلاقية للعالم، بما يستتبعه ذلك من تنافس عالمي معقد على قيادة عمليات وضع الأطر
الحاكمة.لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي .
أستاذ مساعد
بكلية الإعلام، جامعة الأهرام الكندية