الشيخ عبد الحليم محمود وجهوده الدعوية بقلم:الدكتورة عبير محمود خلف
المرفأ..لعب الشيخ عبد الحليم محمود، رحمه الله، دورًا محوريًا في نشر صحيح الدين، سواء من خلال مواقفه الإدارية، أو مؤلفاته الغزيرة، أو جهوده الدعوية. ويمكن تلخيص أبرز جوانب دوره فيما يلي:
1. تعزيز مكانة الأزهر الشريف
كان الشيخ عبد الحليم محمود يولي اهتمامًا خاصًا بمكانة الأزهر الشريف ودوره كمرجعية إسلامية عالمية. وقد عمل على:
* تطوير التعليم الأزهري: توسّع في إنشاء المعاهد الأزهرية بمراحلها المختلفة في أنحاء الجمهورية، وعمل على تطوير مكتبة الأزهر وإمدادها بالكتب والمؤلفات.
* استعادة صلاحيات شيخ الأزهر: اتخذ موقفًا حازمًا ضد أي محاولات لتقليص صلاحيات شيخ الأزهر، مؤكدًا على استقلال المؤسسة الأزهرية وحقها في الفتوى وبيان أحكام الدين.
* الجهود الإدارية: أظهر رؤية إدارية واضحة في جميع المواقع التي أدارها، مثل وزارة الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية، حيث عمل على استرداد أملاك الوزارة وأوقافها، ووضع الهيكل التنظيمي والإداري الحديث لمجمع البحوث.
2. التأليف والكتابة لتبسيط العلوم الشرعية
كان الشيخ عبد الحليم محمود غزير الإنتاج، وله أكثر من 60 مؤلفًا في مختلف فروع المعرفة الإسلامية، منها ما هو باللغة الفرنسية. وقد ساهمت مؤلفاته في نشر صحيح الدين من خلال:
* تبسيط التصوف: كان “غزالي القرن العشرين” كما لُقِّب، حيث عمل على تصحيح مفهوم التصوف، وربطه بالكتاب والسنة، والبعد به عن الانحرافات والبدع، ومن أشهر كتبه في هذا المجال: “قضية التصوف: المنقذ من الضلال”، و”المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي”، كما ترجم للعديد من الأعلام الصوفيين.
* معالجة القضايا الفكرية المعاصرة: تناول في كتاباته قضايا مهمة مثل العلاقة بين الإسلام والعقل، والفلسفة الإسلامية، ومواجهة الغزو الفكري، ومن أمثلة ذلك: “أوروبا والإسلام”، و”التفكير الفلسفي في الإسلام”، و”الإسلام والعقل”.
* بيان العقيدة وأسرار العبادات: كتب في العقيدة والتفسير والسنة، وأوضح أسرار العبادات في الإسلام، مثل كتاب “أسرار العبادات في الإسلام” و”القرآن والنبي”.
* تقنين الشريعة: أشرف على لجنة بمجمع البحوث الإسلامية لتقنين الشريعة الإسلامية في صيغة مواد قانونية، لتسهيل استخراج الأحكام الفقهية.
3. مواجهة الانحرافات والبدع
تميز الشيخ عبد الحليم محمود بغيرته على الإسلام وحرصه على حماية الدين من أي انحراف أو بدعة. وقد تجلى ذلك في:
* الصدع بالحق: لم يتردد في مواجهة محاولات المساس بتعاليم الإسلام، مثلما حدث عند محاولة إصدار قانون للأحوال الشخصية يخالف الشريعة، حيث أصدر بيانًا قويًا وحذر من الخروج على تعاليم الإسلام.
* التصدي للأفكار الهدامة: كان حريصًا على دحض الأفكار التي لا تتوافق مع صحيح الدين، ومواجهة التيارات المعادية للإسلام.
* العناية بالسنة النبوية: أولى اهتمامًا خاصًا بالسنة النبوية، وألف العديد من الكتب عنها، مثل “السنة في مكانتها وتاريخها” و”دلائل النبوة ومعجزات الرسول”.
4. الدعوة إلى الله والتعريف بالإسلام
لم يكتفِ الشيخ بالجانب العلمي والتأليفي، بل كان له دور دعوي كبير، حيث:
* المشاركة في المؤتمرات واللقاءات الدولية: شارك في العديد من الفعاليات لبيان سماحة الإسلام وتعاليمه.
* الرحلات الدعوية: زار العديد من دول العالم شرقًا وغربًا، مبينًا الإسلام وأحكامه وتعاليمه بصورته السمحة الحكيمة.
* تشجيع الدعوة والتعليم: دعم إنشاء المعاهد الدينية وساهم في جذب آلاف الطلاب إلى المساجد من خلال فصول التقوية.
بصفة عامة، يمكن القول إن الشيخ عبد الحليم محمود كان نموذجًا للعالم الرباني الذي يجمع بين العلم الغزير، والغيرة على الدين، والشجاعة في الحق، مما جعله “إمام المتصوفين” و”غزالي العصر”، وقدم إسهامات جليلة في نشر صحيح الدين وتعزيز مكانة الأزهر الشريف.
هل ترغب في معرفة المزيد عن جانب معين من جهود الشيخ عبد الحليم محمود؟