اثر تنامى الدور الصيني في الموانئ العربية بقلم الدكتور احمد صفوت السنباطي

629

 

المرفأ…في العقود الأخيرة، برزت الصين كقوة اقتصادية عالمية تسعى لتوسيع نفوذها خارج حدودها، لا سيما عبر مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها عام 2013، بهدف ربط الصين بالعالم من خلال شبكة واسعة من الطرق البرية والبحرية، في هذا الإطار، أولت بكين اهتماماً خاصاً بالموانئ العربية، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، ما جعلها نقاط ارتكاز مهمة في طموحات الصين التجارية واللوجستية.
بدأت الصين في ضخ استثمارات ضخمة في موانئ عربية رئيسية مثل ميناء جيبوتي، وميناء الدقم في سلطنة عُمان، وميناء السخنة في مصر، وميناء حيفا في إسرائيل، وميناء طنجة في المغرب هذه الاستثمارات لم تقتصر على البنية التحتية فقط، بل شملت أيضاً إدارة وتشغيل بعض هذه الموانئ من خلال شركات صينية كبرى مثل “تشاينا ميرشنت” و”كوسكو”. هذا التوسع الصيني لم يكن محض صدفة، بل يعكس استراتيجية مدروسة للسيطرة على سلاسل الإمداد العالمية وتوسيع النفوذ في المناطق الحيوية.
وقد ترتب على هذا الدور المتنامي للصين في الموانئ العربية عدد من الآثار الاقتصادية والسياسية، اقتصادياً، استفادت الدول العربية من الاستثمارات الصينية في تطوير بنيتها التحتية وتعزيز قدراتها في مجالات النقل والتجارة، وهو ما ساهم في خلق فرص عمل وتحسين كفاءة الموانئ. كما باتت الموانئ التي تدار جزئياً من الصين أكثر قدرة على جذب التجارة الدولية، لا سيما تلك المرتبطة بالأسواق الآسيوية.
لكن في المقابل، أثار هذا الدور الصيني المتعاظم قلق بعض القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة، التي ترى في التوغل الصيني تهديداً لنفوذها التقليدي في المنطقة، كما تخشى بعض الدول العربية من التبعية الاقتصادية المفرطة لبكين، لا سيما مع تزايد حجم الديون الناتجة عن مشاريع البنية التحتية، وهناك أيضاً مخاوف أمنية متعلقة بإمكانية استخدام هذه الموانئ في المستقبل لأغراض عسكرية أو استخباراتية، وهو ما قد يخل بتوازنات القوى في المنطقة.
وختاما، يمثل الدور الصيني في الموانئ العربية تحولاً استراتيجياً يعكس صعود بكين كفاعل رئيسي في النظام الدولي، وبينما تفتح هذه الشراكة آفاقاً اقتصادية واعدة للدول العربية، إلا أنها تتطلب يقظة دبلوماسية لضمان عدم تحول هذه الاستثمارات إلى أدوات للضغط أو النفوذ السياسي في المستقبل

قد يعجبك ايضا