المناعة النفسية بقلم الدكتورة ايمان نبيل القصبى

1٬059

المرفأ…مفهوم المناعه النفسية من المفاهيم الحديثة نسبيا ، ويعني الخصائص النفسية المهمة للفرد التي تمكنه من مواجهة ضغوط الحياة المتتالية بنجاح دون ان تؤثر سلبا على صحته النفسية. فالمناعة النفسيه نظام مركب يحتوى على انظمه فرعيه عديده تتفاعل جميعا بهدف حماية الذات والحفاظ على العقل من التأثيرات السلبيه الحادة التى تسببها الضغوط النفسية، وذلك من خلال تفعيل استجابات سلوكية معينة من شأنها العمل على مقاومة الضغوط وتحقيق التكيف مع ظروف البيئة.
إن نظام المناعة النفسية يشير الى تمتع الفرد بمجموعة من القدرات التكيفية التي توفر له الحصانة ضد الأضرار والإجهاد ، فهي وحدة من الابعاد المتكاملة التي تتمثل في قدرة الفرد على تحقيق الصمود النفس والمرونة الشخصية ، ومن اهم محددات المرونه النفسيه ، القدرة على ترجمة المواقف والاشخاص، وعلى تكوين علاقات ايجابية صحيحه مع من يحيطون به ، وقبول آراء الأخرين رغم الاختلاف، وإجراء بدائل للتكيف مع تحديات الحياة ، بالاضافة الى روح الدعابة والقدرة على ادخال سرور على النفس وعلى الآخرين .
وتتضح بنية المناعة النفسية من خلال الظروف التى تتحدى الفرد بهدف استنهاض قواه وامكانياته الشخصية من اجل التعامل الايجابي مع المواقف الضاغطه والأحداث المؤلمة ، والتي تعيقه عن تحقيق اهدافه .
المناعة النفسية نظام نمائی وقائى يعمل على تحقيق التكامل بين كل الاستعدادات والامكانيات لدى الفرد والظروف المحيطة ، فهي مجموعة سمات شخصية تجعل الفرد قادرا على تحمل أثر الضغوط والإنهاك النفسي وتحميه من المشاعر المحبطة الافكار المؤلمة ، هي ما يشبه الأجسام المضادة النفسية ، فالشخص ذو المناعه النفسية لابد ان يتسم ( بالتحدى ، والتفاؤل، والسيطرة على الانفعالات ).

تعد المناعة النفسيه أحد أساليب الوقاية من المشكلات النفسية والاجتماعية ، لأن المناعة النفسية تعد بمثابة القوة التي تساعد الفرد على مواجهة العقبات والعثرات ليتمكن من تحقيق النجاحات.

ومن أهم الخصائص التي تميز الفرد ذا المناعة النفسية المرتفعه قدرته على مواجهة القلق، والتكيف والتوافق مع المستجدات ، كما أنه يمتلك مجموعه من المهارات والخصائص الشخصية تمثل عناصر تراكمية تشكل بناءه النفسي . وتتمثل الأبعاد الرئيسية للمناعة النفسية في ثلاثة مجالات اساسية وهي : الجانب الوجداني للفرد ، ويحتوى على مجموعة من العناصر ( التحكم الوحداني – المرونه النفسية – السيطرة على الإنفعالات)، والبعد الثاني هو الجانب المعرفي للفرد ويشمل ( القدرة على حل المشكلات – الصلابه – التفكير الايجابي – تاكيد الذات – فاعلية الذات ). ويتمثل البعد الثالث مجموعة السمات الشخصية للفرد ويشمل (التفاؤل -المثابرة – الإبداع – قوة الإرادة ) .
أما الخطورة التي تنجم عن فقدان المناعة النفسية قتظهر حينما يفشل جهاز المناعة النفسي للفرد في عمل وظائفه ، وتتمثل أعراضه في فقدان السيطره على النفس ، والاستسلام لمشاعر الإخفاق والفشل ، وحدوث خلل في معاييرالحكم على الأشياء بالإضافة إلى غياب النضج الانفعالي ، وارتفاع القابلية للاستهواء ، وعادة ما يتمنى الفرد فى هذه الحالة انكارا مدمرة للذات ، ويصاب بالاضطرابات النفسية المزمنة كالإكتئاب المزمن ، والوساوس القهرية المزمنة ، ويصبح عرضة للإصابة بإضطرابات الأكل ، ومن يدمن الكحول والمخدرات ، وجميعها اعراض ودلآلات وإشارات لفشل الجهاز المناعي النفسي .

ولحماية المجتمع من ظهور جيل يفتقر للمناعة النفسية ، للأسرة و نظام التعليم دور كبير و مهم ، فعلى الاسرة القيام بدورها التربوي في مواجهة ظاهرة إدمان الانترنت وشغل وقت الابناء بأنشطة مفيدة ، فقد أثبتت العديد من الدراسات وجود علاقة طردية قوية بين إدمان الانترنت والهشاشة النفسية . ولذا من الضروري انتقاء ما يتابعة الطلاب عبر الانترنت وتوجيههم إلى الانشطة والمواقع المفيدة ، وتخصيص اوقات محددة لمتابعة المهام التي تتطلب استخدام الانترنت ، واستعادة الجو والحوار الأسرى والعادات التي تعمل على جمع الاسرة فى اوقات الطعام والسمر.
وفيما يتعلق بدور نظام التعليم في حماية الجيل الجديد من الهشاشة النفسية ينبغى اعداد برامج تدريبية لتنمية وتقوية المناعة النفسية لدى الطلاب وانشاء مراكز متخصصة للطلاب سواء فى الجامعات أو المدارس لمساعدة الطلاب على التخلص من إدمان الانترنت، وتنظيم دورات تدريبية لتنمية وعى الطلاب بأهمية الوقت وكيفية إدارتة وتنظيمة .. فاذا كان الشباب هو أغلى ما يملك الوطن … فا لوقت والصحه (الصحة النفسية وصحة الابدان ) … اغلى ما يملك الإنسان .

 

استشارى تنميه الوعى وتطوير الذات

قد يعجبك ايضا