الاستخدام العشوائي للفيتامينات: بين وهم الفائدة وحقيقة التسمم
المرفأ..بقلم الدكتورة أسماء نوار اخصائي التغذية العلاجية والصحية وتغذية اللاعبين
في عصر يزداد فيه الاهتمام بالصحة واللياقة البدنية، أصبحت الفيتامينات والمكملات الغذائية من أكثر المنتجات رواجًا بين مختلف الفئات العمرية. يُروَّج لها على أنها وسيلة سريعة لتحسين المناعة، وزيادة النشاط، وتعويض نقص العناصر الغذائية. لكن في ظل هذا الانتشار الواسع، يتجاهل الكثيرون الجانب الأهم: ضرورة استشارة الطبيب قبل البدء باستخدام هذه المكملات.
ففي حين أن بعض الفيتامينات ضرورية لصحة الجسم، إلا أن استخدامها بشكل غير منضبط، ودون إشراف طبي، قد يؤدي إلى نتائج عكسية وخطيرة، أبرزها التسمم الفيتاميني، وهو ما قد يشكّل تهديدًا حقيقيًا على صحة الإنسان.
ما هي الفيتامينات؟
الفيتامينات هي مركبات عضوية أساسية يحتاجها الجسم بكميات صغيرة لدعم وظائفه الحيوية، مثل تعزيز المناعة، إنتاج الطاقة، تجديد الخلايا، والنمو. وتنقسم الفيتامينات إلى نوعين رئيسيين:
الفيتامينات الذائبة في الماء:
مثل فيتامين C ومجموعة فيتامين B.
يتم امتصاصها واستخدامها بشكل مباشر، وتُطرح الفائض منها عبر البول، ما يجعل خطر تراكمها في الجسم ضئيلًا نسبيًا.
الفيتامينات الذائبة في الدهون:
مثل فيتامينات A وD وE وK.
تُخزن في الكبد والأنسجة الدهنية، ما يعني أن الإفراط في تناولها يمكن أن يؤدي إلى تراكمها في الجسم، مسببًا أعراضًا تسممية قد تكون خطيرة على الكبد والأعضاء الحيوية الأخرى.
لماذا يُقبل الناس على تناول الفيتامينات دون وصفة طبية؟
الاعتقاد بأنها “طبيعية وآمنة”:
كثيرون يظنون أن المكملات الغذائية غير ضارة لأنها “مصدر طبيعي”، متناسين أن كل مادة لها تأثيرات جانبية إن أُسيء استخدامها.
التأثر بمواقع التواصل الاجتماعي:
تنتشر النصائح والتوصيات حول استخدام الفيتامينات بكثرة، بعضها من أشخاص غير مختصين، مما يدفع الجمهور لتجربتها دون وعي طبي.
الرغبة في تحسين الصحة بسرعة:
يسعى البعض إلى تحسين مناعتهم أو علاج الإرهاق عبر تناول المكملات بدلًا من تعديل نمط الحياة أو النظام الغذائي.
التسويق التجاري المضلل:
بعض الشركات تُروج للفيتامينات بشكل مبالغ فيه، متجاوزة الجوانب التحذيرية المتعلقة بالجرعات والآثار الجانبية.
التسمم الفيتاميني: خطر حقيقي
الإفراط في تناول الفيتامينات، خاصة تلك الذائبة في الدهون، قد يؤدي إلى أعراض تسممية متنوعة، منها:
اضطرابات في الجهاز الهضمي.
مشاكل في الكبد والكلى.
ضعف العضلات وتشوش الرؤية (في حال تناول كميات زائدة من فيتامين A).
ترقق العظام وارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم (في حال فرط فيتامين D).
الرسالة الأهم
رغم أهمية الفيتامينات لصحة الإنسان، إلا أن تناولها يجب أن يكون مبنيًا على تقييم طبي دقيق، وتحاليل توضح النقص إن وُجد، وتحديد الجرعة المناسبة لكل حالة.
فالإفراط، كما النقص، قد يؤدي إلى مشكلات صحية قد لا تظهر سريعًا، لكنها تترك آثارًا طويلة الأمد.
الخلاصة:
الوعي الصحي هو خط الدفاع الأول، والاعتماد على استشارة المختصين هو السبيل الأفضل للاستفادة من الفيتامينات دون الوقوع في فخ التسمم أو المشكلات الصحية. فالصحة لا تُقاس بعدد المكملات، بل بجودة الحياة والقرارات الصحية السليمة.