حين يغيب الضمير بقلم الدكتورة :ايمان فوزي

570

 

المرفأ…الضمير هو النعمة التي وهبها الله للإنسان، ليكون رقيبًا داخليًا يردعه عن الظلم، ويوقفه قبل أن يتجاوز حدود الحق. لكنه للأسف لا يسكن كل القلوب. هناك من يعيشون بيننا بلا ضمير، كأن الله قد سلبهم هذه البوصلة الداخلية. لا يندمون، لا يراجعون أنفسهم، ولا يشعرون بالذنب حتى لو جاروا على أقرب الناس إليهم. والأخطر أن غياب الضمير قد يختبئ أحيانًا خلف ستار التدين الظاهري. فقد ترى إنسانًا لا يترك فرضًا، ملتزمًا بالصلاة والطقوس، لكنه في حياته اليومية يقسو على زوجته وأولاده، يهمل مسؤولياته، يأكل حقوق إخوته في الميراث، أو يؤذي جيرانه بلسانه وفعله. يظن أنه أدّى ما عليه لمجرد أنه لم يترك ركعة! وهنا يظهر الفارق بين التدين الشكلي والتدين الحقيقي؛ الأول قشرة بلا روح، والثاني انعكاس رحمة وعدل في كل معاملة. وفي المقابل، قد تجد آخر يتمسك ببعض المبادئ الأخلاقية كالأمانة أو الوفاء أو الرحمة، لكنه لا يعرف طريق العبادة ولا يؤدي فرائض الدين. ورغم أن هذه القيم محمودة، إلا أنها تظل ناقصة بلا إيمان يثبّتها ويمنحها المعنى. فالمبادئ وحدها قد تتلون مع الظروف، أما الدين الحق فهو الذي يجمع بين الضمير الحي والعبادة الصادقة، فيكتمل به الإنسان. والتعامل مع من لا ضمير له ليس بالأمر الهين؛ فالنصيحة لا تهزّه، وكلمة “حرام” لا تؤثر فيه، لأنه ببساطة لا يملك قلبًا يسمع. لذلك، لا سبيل إلا أن تضع حدودًا صارمة تحمي نفسك من أذاه، وألا تنخدع بالمظاهر أو الكلمات. فالضمير ليس كلمات تُردَّد، ولا عبادات تُؤدى شكليًا، بل هو حياة كاملة تعكس صدق الإيمان في سلوك رحيم وعادل. ومن فقد هذا الضمير، فقد إنسانيته مهما أظهر من تدين أو مبادئ. اللهم ارزقنا ضميرًا حيًّا لا يغفل، وقلبًا صادقًا لا يقسو، وإيمانًا يثمر رحمة وعدلًا في كل تعاملاتنا.

قد يعجبك ايضا