الإرادة… ذلك السر الكامن في أعماقنا بقلم الدكتورة :ايمان فوزي

982

المرفأ….ما هي الإرادة؟ سؤال يتردد في داخلي كثيرًا. أهي مجرد قوة خفية تدفعنا إلى الفعل؟ أم هي شعلة دفينة في أعماق كل إنسان، لا تنطفئ أبدًا مهما بدا عليه الوهن؟ أشعر أن الإرادة ليست شيئًا يُمنح للبعض ويُحرم منه آخرون، بل هي موجودة في أصل كل نفس، لكنها قد تلمع في أوقات وتخبو في أخرى.

المحرك الخفي للإرادة ربما هو الإيمان الداخلي، إيماننا بأنفسنا وبما نسعى إليه. أحيانًا يتحرك الإنسان بدافع الأمل، وأحيانًا بدافع الخوف من الفشل، وأحيانًا بدافع الرغبة في أن يثبت لذاته قبل أن يثبت للآخرين أنه قادر.

لكن… كيف نكتشف وجودها؟ نكتشفها حين نرى أنفسنا نكمل طريقًا كنا نظن أننا سنتركه، أو حين نصبر على مشقة ظننا أننا سنعجز عنها. تظهر فجأة في لحظة امتحان أو مرض أو مسؤولية، فنفاجأ بقوة لم نكن نعرف أنها بداخلنا.

هل يمكن أن تكون الإرادة موجودة ولكن ساكنة تنتظر من ينبهها؟ نعم، بل كثيرًا ما تكون كامنة، لا ينقصها الوجود وإنما ينقصها التنشيط. قد توقظها كلمة صادقة، أو تجربة قاسية، أو حتى هدف جديد يضيء الطريق أمامنا.

هل هناك دواء يقوي الإرادة؟ لا أظن أن الإرادة تُباع في أقراص، لكنها تُزرع بالتربية، وتُسقى بالتشجيع، وتُقوَّى بالصبر والممارسة. وإن كنا نرجو لأبنائنا إرادة صلبة، فعلينا أن نترك لهم مساحة للمحاولة والخطأ، فلا نحملهم دائمًا على أكتافنا، بل نتركهم يجربون قوة أقدامهم.

هل الإرادة دائمة أم وقتية؟ أراها موجودة دائمًا، لكنها ليست في قوة واحدة. قد تشتد حين نكون في قمة صفائنا النفسي، وتضعف حين يغمرنا القلق أو الحزن. ليست مرتبطة بالمال، فقد نجد فقيرًا يقهر واقعه بإرادته، وغنيًا ينهزم أمام ملذاته.

ويبقى السؤال الأخير: هل هناك إنسان بلا إرادة؟ من وجهة نظري المتواضعة لا، الإرادة جزء أصيل من النفس، لكنها قد تنام طويلًا، وقد تختفي ملامحها أحيانًا. لكنها تبقى هناك، تنتظر لحظة صحوة.

كليه الاداب جامعه المنصورة

قد يعجبك ايضا