فلسطين ٣٦..نافذة ابداع استثنائية

1٬463

 

المرفأ….في مستهل حديثي، أود أن أوضح أنني لست ناقدًا فنيًا، وهذا ليس حقل اختصاصي. ومع ذلك، سأستعرض اليوم لكم فيلم يأخذنا إلى عمق التاريخ، إلى عام ١٩٣٦م.
يتناول هذا العمل السينمائي فترة غنية بالأحداث في تاريخ فلسطين، وهي أيام الانتداب البريطاني. يسلط الضوء على حقبة عصيبة شهدت ثورات شعبية جياشة ضد الانتداب، حيث كانت الأصوات تتعالى في المطالبة بالحرية والاستقلال. تدور أحداث الفيلم حول الشاب الفلسطيني يوسف، الذي يغادر قريته إلى مدينة القدس، باحثًا عن حياة طبيعية، لكنه يجد نفسه وسط صراع هائل.
يواجه الإنسان في حياته خيارات مصيرية قد تغير مجرى أيامه إلى الأبد. يعكس هذا الفيلم الرائع مآسي وكفاح الشعب الفلسطيني في تلك المرحلة، بعيداً عن الشعارات الجوفاء والخطب المنمقة. يُعرض هذا العمل في زمن عصيب من تاريخ الشعب الفلسطيني المليء بالجراح والأحزان، حيث تدرك البشرية قسوة الظروف التي تعيشها مدينة غزة.
أُنْتِج الفيلم بجهود مشتركة من عدة دول، منها فلسطين وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وقطر والسعودية والأردن، حيث تم تصوير نحو 90% من أحداثه في تلك البلدان، مدعومًا بتراث تاريخي وثقافي مميز وأماكن مختارة بعناية. كما يشارك في هذا العمل عدد من الأسماء اللامعة على الساحة العالمية، مثل الممثل البريطاني جيرمي آيرونز، و هيام عباس، وكامل الباشا، وصالح البكري، وظافر العابدين وآخرين.

يعتبر النقاد والكثير من الآراء أن هذا الفيلم يمثل شعاعاً من الأمل للشعب الفلسطيني، حيث يسلط الضوء على مرحلة مفصلية من تاريخهم. أرى أن هذا الشعاع قد نمت جذوره ليصبح مصدراً عظيماً للأمل، خاصة في ظل الأحداث الراهنة في فلسطين، وبالأخص في غزة. لقد جعلت الأحداث الحالية العالم يستيقظ من غفوته، ويبحث عن الحقائق. ومع التطورات الإعلامية التي يشهدها العالم نتيجة لهذه الأحداث، يجب أن ندرك أن هذه الظروف قد أحدثت تحولاً في نفوس الناس ، بفضل قوة الإعلام، أصبحت القضية همّاً رئيسياً، وربما الوحيد، للجميع بغض النظر عن العمر أو الجنس. الفيلم من إخراج مخرجة أردنية تدعى آن ماري جاسر، التي أكدت أن الفيلم الذي تعمل عليه يتجاوز كونه مجرد مشروع سينمائي، فهو يمثل تحديًا إنسانيًا في عالم مشحون بالدماء والعنف. يحمل هذا الفيلم عنوان *فلسطين ٣٦*، وسيُعرض في مهرجان تورنتو السينمائي في كندا
. نأمل أن يتنافس هذا العمل الفني في جوائز الأوسكار والمهرجانات السينمائية العالمية، كي يكون ناطقًا باسم فلسطين وشعبها المحتل أمام أنظار العالم.

بقلم فوزي بدير (الحوت)

قد يعجبك ايضا