خطاب الملك في الأمم المتحدة.. بوصلة أخلاقية للعالم.. بقلم ماجد الشوابكة
المرفأ….في كل مرة يقف جلالة الملك عبدالله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يكون الخطاب أكثر من مجرد كلمات تُلقى على منصة دولية؛ إنه موقف صريح ورسالة واضحة إلى العالم بأن الأردن، رغم صغر حجمه الجغرافي، يملك من الثبات الأخلاقي ما يجعله صوتاً عاقلاً في زمن الضجيج.
خطاب جلالته في الدورة الثمانين جاء امتداداً لمسار ثابت في السياسة الأردنية يقوم على ثلاثة أعمدة: السلام، والتنمية، وحقوق الإنسان. قال الملك في كلمته إن “وقف الحرب وحماية الأبرياء لم يعد خياراً بل واجباً أخلاقياً على المجتمع الدولي”، في إشارة إلى المأساة الإنسانية في غزة وضرورة إيصال المساعدات بشكل فوري ودون عوائق.
القضية الفلسطينية كانت في قلب الخطاب، حيث شدد جلالته على أن “حل الدولتين هو السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الصراع وضمان سلام عادل ودائم”، مؤكداً ضرورة الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. هذا الطرح لم يكن مجرد موقف سياسي، بل التزام تاريخي وأخلاقي تجاه شعب ما زال يعاني من القتل والتهجير.
ولم يقتصر الخطاب على السياسة وحدها، بل تناول الأبعاد الإنسانية العميقة. أشار جلالته إلى ما يتحمله الأردن من أعباء نتيجة استضافة اللاجئين منذ سنوات طويلة، مطالباً بدعم المجتمعات المضيفة حتى تبقى قادرة على تلبية احتياجات اللاجئين وحماية استقرارها الداخلي. كما دعا إلى تحرك جماعي لمواجهة تحديات الأمن الغذائي والتغير المناخي، قائلاً إن “العالم لا يستطيع الانتظار حتى تزداد الأزمات تعقيداً قبل أن نتصرف”.
خطاب الملك لم يكن مجرد توصيف للواقع، بل خارطة طريق للدبلوماسية الأردنية ورسالة إلى المجتمع الدولي: أن الأردن سيبقى صوت العقل والاتزان ومنبر العدالة، مهما اشتدت العواصف. هذه الكلمات أعادت ضبط البوصلة الدولية، وذكّرت العالم بأن الصمت لم يعد مقبولاً وأن الوقت قد حان للتحرك قبل أن تتسع دائرة الدمار أكثر.