“جزيرة حوار” تطبيق للسياحة المستدامة
المرفأ…محمود النشيط
إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي
للمرة الثانية أرجع من “جزيرة حوار” الواقعة في الجنوب الغربي من مملكة البحرين أنا ومجموعة من أعضاء أصدقاء دلمون للمرشدين السياحيين وبمشاركة سعودية هذه المرة ونحن نمتلك رصيداً من المعلومات التي تلمسناها واقعاً عن السياحة المستدامة حيث أن هذه الجزيرة تطبق فيها أعلى المعايير للمحافظة على الحياة البيئية والطبيعية ولا زالت بفضل هذه الأجواء البكر ملاذاً آمنناً لآلاف الطيور المهاجرة، والحيوانات البحرية والبرية رغم دخول السياحة الحديثة إلى المنطقة بعد إنشاء منتجع حوار الذي أضاف لمسة الضيافة الحديثة للذين يبحثون عن الاستجمام والاسترخاء على أعلى المستويات.
تبلغ مساحة جزيرة حوار الرئيسية حوالي 51 كم²، وهي أكبر جزر أرخبيل حوار الذي يتكوّن من أكثر من 16 جزيرة صغيرة. وتُعد من أكبر الجزر التابعة لمملكة البحرين بعد جزيرة البحرين الأم. وهذه المساحة الواسعة نسبيًا، مع موقعها البعيد نسبيًا عن المناطق الحضرية، جعلتها بيئة مثالية للحياة البرية والسياحة البيئية الهادئة.
الجزيرة مدرجة على قائمة اليونسكو للمحميات الطبيعية نظراً لأهميتها البيئية، وتصنف كواحدة من أبرز المناطق البيئية الحساسة وتضم تنوعاً بيولوجياً غنياً وأحياء بحرية نادرة، وتتمتع بعدة خصائص سياحية أخدتها الحكومة بعين الاعتبار ووضعت عدة اشتراطات للمستثمرين الراغبين في التطوير لجعلها من أبرز المناطق السياحية في المنطقة وتعزيز مكانتها كوجهة بيئية عالمية وخلق مرافق صديقة للبيئة لجذب الزوار والمهتمين بالسياحة المستدامة والاستمتاع بالأجواء الخاصة مثل هجرة الطيور أو الغوص البيئي والرحلات العلمية في ذات الصدد.
كذلك خلق فرص اقتصادية للمجتمع المحلي دون الإضرار بالنظام البيئي وهو ضمن خطة التطوير المستدام بخلق البنية التحتية الخضراء بإنشاء فنادق ومنتجعات تعتمد على الطاقة الشمسية وتحلية المياه الصديقة للبيئة واستخدام مواد بناء مستدامة وعدم تشييد مباني ضخمة تؤثر على المنظر الطبيعي أو المواطن البيئية مع ضرورة المحافظة على التوازن البيئي عبر تنظيم أعداد الزوار يومياً، وإنشاء ممرات خشبية ومسارات محددة عند الزيارة تفادياً تدمير النباتات والكثبان الرملية، مع إدارة تقنية حديثة لفصل النفايات وإعادة التدوير عبر أنظمة طاقة نظيفة واستخدام وسائل نقل كهربائية أو هجينة.
أصبحت اليوم “جزيرة حوار” نموذج للتنمية المستدامة من خلال الجمع بين التطوير المحدود والمنظم وحماية البيئة الصارمة وسوف تصبح مستقبلاً من أشهر النماذج السياحية والرائدة في المحافظة على البيئة في منطقة الخليج العربي مما يعزز مكانة مملكة البحرين على خريطة السياحة المستدامة العالمية وهذه المؤشرات شاهد عيان من الآن لكل من يزور الجزيرة حتى وإن كانت لمدة ساعات محدودة، أما من يقيم فيها لمدة 48 ساعة سيكتشف بأنها تنافس أرقى الجزر والمنتجعات العالمية في شرق آسيا وأوروبا بفضل الخدمات الفندقية الراقية وخدمات الضيافة والترفيه المتعددة والإطلالات الجميلة على بحر الخليج في أجواء الهدوء والإسترخاء.