المشاركة في انتخابات مجلس النواب: مسؤولية وطنية ومفتاحٌ لبناء الدولة

2٬452

 

المرفأ….

أولاً: لماذا المشاركة مهمة؟

الانتخابات ليست مجرد مناسبة سياسية، بل هي لحظة تعكس وعي المواطن بأهمية صوته ودوره في بناء مؤسسات الدولة. فالصوت الانتخابي هو حجر الأساس لأي نظام ديمقراطي فعّال، وهو الطريق الذي يختار من خلاله الشعب ممثليه داخل البرلمان.

حسب الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، بلغت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب لعام 2015 نحو 28.3٪ فقط من إجمالي من يحق لهم التصويت، وهي نسبة منخفضة تمثل تحديًا كبيرًا أمام فكرة المشاركة السياسية. ويعني ذلك أن غالبية من يحق لهم التصويت لم يساهموا فعليًا في اختيار من يمثّلهم، مما قد يؤدي إلى غياب التمثيل الحقيقي والتوازن السياسي.
ثانيًا: التصويت… بين الحق والواجب

من منظور قانوني، التصويت هو حقٌ دستوري مكفول لكل مواطن. لكن من منظور وطني، هو واجبٌ لا يقل عن أي التزامٍ تجاه الوطن. تجاهل هذا الواجب يُضعف المشاركة المجتمعية ويفتح الباب أمام صعود شخصيات غير مؤهلة أو غير ممثلة حقيقيًا لطموحات الناس.

قال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما:

“التصويت ليس فقط التعبير عن رأيك، بل هو تأكيد على انتمائك ومسؤوليتك تجاه وطنك.”

ثالثًا: خطر العزوف الانتخابي

العزوف عن المشاركة الانتخابية لا يعني الحياد، بل هو موقف سلبي يعطي الفرصة للآخرين لتحديد المستقبل نيابة عنك. في انتخابات 2020، نجحت قوائم بعينها في السيطرة على غالبية المقاعد البرلمانية، وهو ما يُظهر أثر المشاركة المنظمة مقابل عزوف الأغلبية.

في الانتخابات الرئاسية لعام 2023، تمّ الإبلاغ بأن الشباب كانوا من بين القوى الدافعة لنسبة المشاركة التي بلغت نحو 66.8٪ للتصويت في الانتخابات (وفيها شاركت نسبة كبيرة من الشباب) حسب بيان صحفي صحفي

رابعًا: معايير الاختيار الواعي

لا يكفي أن نشارك فقط، بل علينا أن نشارك بوعي.
يجب أن نقيّم المرشحين على أساس برامجهم، سجلهم العملي، قدرتهم على تمثيلنا، ومدى ارتباطهم الفعلي بقضايا المواطنين.

فعلى سبيل المثال:
في إحدى الدوائر بمحافظة القاهرة، شهدت الدورة الماضية اختيار مرشح شعبي دون برنامج حقيقي، وبعد الفوز، لم يُسجّل له أي نشاط تشريعي ملحوظ في البرلمان، ما أثار استياء المواطنين لاحقًا.

خامسًا: التكنولوجيا… فرصة للمشاركة أو سبب للعزوف؟

في العصر الرقمي، أصبح بإمكان كل مواطن أن يُطالع برامج المرشحين، يُتابع الأخبار، ويُعبّر عن رأيه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، دون أن يغادر منزله. التكنولوجيا منحتنا أدوات للتمكين السياسي، لكنها في الوقت ذاته قد تكون سببًا في خلق وهم المشاركة.

فقد أظهر تقرير لمركز Pew للأبحاث (2021) أن ما نسبته 26٪ من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي شعروا بـ”الإرهاق السياسي الرقمي”، ما جعلهم يتوقفون عن متابعة السياسة أو المشاركة فيها، رغم كثرة التفاعل الإلكتروني.

بل الأدهى، أن بعض الشباب يظن أن “الإعجاب” أو “المشاركة” على منشور انتخابي تعني أنه أدى دوره، في حين أنه لم يُشارك فعليًا في التصويت!
إذا أردنا أن نستفيد من التكنولوجيا، فعلينا أن نوجهها لتكون وسيلة للتوعية، لا بديلًا عن العمل الحقيقي.

 

بقلم: د. إيناس صبحي
استشاري الاستراتيجيات والسياسات في التحول الرقمي

قد يعجبك ايضا