لغز المال

3٬296

 

المرفأ….إذا رأيتَ رجلًا يُنفق من ماله في الصدقات، وإطعامِ الطعام، وإغاثة الملهوف، والإحسان إلى الغير، والإكرام… فماذا سيكون انطباعك عنه؟
هل ستراه سفيهًا لا يقدّر قيمة المال؟ أم ستراه مسرفًا؟ أم ساذجًا؟

الحقيقة أنه قد يكون أحد هؤلاء الثلاثة بالفعل، ولكن هناك أمرًا ربما لم يخطر ببالك..
وهو أنه قد يكون حكيمًا!
نعم، حكيمًا؛ لأنه اتخذ المال وسيلةً لا غاية..
وحكيمًا؛ لأنه جعل المال في يده لا في قلبه..
وحكيمًا؛ لأنه تعامل مع المال كخادم لا كسيّد.. فلم يكن يومًا عبدًا للمال..

يتصور بعض الناس أنَّه كلما أنفق من ماله كلما ازداد فقرًا، ولا يعلم أن العلاقة بين الإنفاق المعتدل في الخير وبين الفقر علاقة عكسية.. فكلما أنفق في الخير باعتدال كلما ازداد غِنى..

وضابط الاعتدال في الإنفاق قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾[سورة الفرقان: 67]

فأنفق ليُنفق الله عليك..
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله ﷺ: “قالَ اللَّهُ: أنْفِقْ يا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ” (أخرجه البخاري ومسلم).

أنفق لتدعو لك الملائكة أن يخلف الله عليك..
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا، عن النبي ﷺ قال: “ما مِن يومٍ يُصبِحُ العبادُ فيه إلا مَلَكانِ ينزلانِ، فيقولُ أحدُهما: اللهمَّ أعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخرُ: اللهمَّ أعطِ مُمْسِكًا تَلَفًا” (متفق عليه).

أنفق ولا تخش الإقلال..
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله ﷺ: “ما هذا يا بلالُ؟ قال: ادَّخَرْتُه لك يا رسولَ اللهِ. قال: أما تخشى أن يُجعَل لك بخارٌ في نارِ جهنم؟! أَنْفِقْ يا بلالُ، ولا تَخْشَ من ذي العرش إقْلالًا” (أخرجه الطبراني، وقال الألباني: حسن صحيح).

أنفق ليزداد مالك.. ففي هذا المنهج يتجلى لغز المال.

دعاء زيدان
مدرس مساعد الفقه بجامعة الأزهر

 

قد يعجبك ايضا