الانتخابات: نحو اختيار نزيه ومسؤول
المرفأ…بقلم: نفين حسن
تعتبر الانتخابات من أهم الركائز التي يقوم عليها النظام الديمقراطي، فهي الوسيلة التي يمكّن المواطن من المشاركة الفعلية في صياغة مستقبل بلاده واختيار من يمثلهم في مواقع صنع القرار. ومع ذلك، فإن نجاح أي عملية انتخابية لا يقاس فقط بنسبة المشاركة، بل بمدى التزام الجميع بالحيادية والنزاهة في ممارسة حقهم الانتخابي.
في هذا الإطار، يجب على كل ناخب أن يكون على مسافة متساوية بين جميع المرشحين، وأن يختار من يمثل قناعاته وقيمه دون الانجراف وراء الدعاية المغرضة أو التجريح في الآخرين. فالانتقاد البناء والمستند إلى الحقائق مقبول، بينما الهجوم الشخصي أو نشر الإشاعات يمثل تهديدًا لروح التنافس الشريف ويضر بسمعة العملية الانتخابية نفسها.
إن احترام المرشحين جميعًا والابتعاد عن التجريح يعتبر أساسًا لضمان انتخابات نزيهة. على كل ناخب أن يدرك أن المرشحين كلهم يعملون في إطار القانون، ولكل منهم مؤهلاته وبرنامجه الذي يسعى لتنفيذه. لذلك، يكون الاختيار الأجدى هو الذي يقوم على الدراسة الواعية للبرنامج الانتخابي والخطط المطروحة، بعيدًا عن التأثر بالمشاحنات أو الكلمات المسيئة بين المتنافسين.
كما يجب أن تكون الدعاية الانتخابية متوازنة، بحيث تركز على عرض الأفكار والمقترحات وليس الهجوم على المنافسين. فالناخب يحتاج إلى معلومات دقيقة تمكنه من اتخاذ قرار مستنير، والدعاية النزيهة تعكس صورة واضحة وصحيحة لكل مرشح دون أن تشوه صورة الآخرين. بهذا الأسلوب، يتم تعزيز الوعي الانتخابي لدى الجمهور، ويزداد الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع.
من جانب آخر، على المرشح نفسه أن يحافظ على مسافة واضحة بينه وبين المنافسين، وأن يظهر التزامه بالمبادئ الديمقراطية، وعدم الانخراط في التراشق بالألفاظ أو الإساءة إلى الآخرين. هذا النهج يضمن انتخابات شفافة ويكسب ثقة المواطنين، ويؤكد أن التنافس يمكن أن يكون محترمًا ومثمرًا في آن واحد.
إن الالتزام بهذه المبادئ لا يقتصر فقط على الناخبين والمرشحين، بل يشمل أيضًا وسائل الإعلام التي تلعب دورًا محوريًا في نقل الحقائق بشكل موضوعي، بعيدًا عن التحيز أو الترويج لمواقف شخصية. الإعلام المحايد يوفر منصة متكافئة للمرشحين ويعزز من قدرة الناخب على تكوين رأيه بشكل مستقل وواعٍ.
في النهاية، تبقى الانتخابات فرصة ثمينة لتعزيز المشاركة المجتمعية وبناء مستقبل أفضل. ومن أجل أن تحقق أهدافها، يجب أن يقوم كل طرف بدوره بمسؤولية: الناخب بالاختيار الواعي، والمرشح بالمنافسة الشريفة، والإعلام بالنقل الموضوعي. بذلك، تتحقق نزاهة العملية الانتخابية، ويصبح الاختيار حقًا ديمقراطيًا يعكس تطلعات المواطنين ويصون مصالحهم الوطنية.
إن الديمقراطية ليست مجرد حق في التصويت، بل هي ثقافة ومسؤولية مشتركة، تتطلب التزام الجميع بالقيم الأساسية للنزاهة والحيادية والاحترام المتبادل. والانتخابات النزيهة هي الطريق الأمثل لضمان مستقبل مشرق، قائم على التوافق والعدالة واحترام إرادة الشعب.