درعك الأول: كيف تحمي جلدك من الأمراض الجلدية قبل أن تبدأ”
المرفأ- بقلم: الدكتورة زينات شعبان – استشاري الأمراض الجلدية
يُعَدّ الجلد خط الدفاع الأول عن جسم الإنسان، وأكثر الأعضاء قدرة على تحمّل التغيرات البيئية والمناخية والميكروبية. ومع ذلك، يظلّ عرضة لكثير من الأمراض التي قد تتراوح شدّتها بين البسيط والمزعج، إلى الخطير الذي يؤثر في صحة الإنسان وجودة حياته. ومع ارتفاع معدلات التلوث، وتغيّر نمط الحياة، وتزايد العادات اليومية الخاطئة، أصبح الوعي بكيفية الوقاية من الأمراض الجلدية ضرورة لا يمكن تجاهلها.
أول قاعدة في الوقاية هي النظافة الشخصية السليمة، لكنها لا تعني الإفراط في الغسل كما يعتقد البعض. فالغسل المتكرر بالصابون القاسي يؤدي إلى إزالة الطبقة الدهنية الطبيعية التي تحمي الجلد، مما يجعله أكثر عرضة للالتهابات والجفاف والتشققات. لذلك أنصح باستخدام غسولات لطيفة خالية من العطور والمواد المهيجة، مع تجفيف الجلد جيداً خاصة في المناطق القابلة للاحتكاك مثل بين الأصابع وتحت الإبطين.
أما القاعدة الثانية فهي الترطيب المنتظم. فالجلد الجاف هو البيئة المثالية لحدوث الكثير من الأمراض، مثل الأكزيما والتشققات والتهابات الجلد البكتيرية. ويُفضّل اختيار مرطبات تحتوي على مواد مثل السيراميد أو حمض الهيالورونيك أو الغليسرين، فهي تقوّي الحاجز الجلدي وتحتفظ بالرطوبة لفترة أطول. وينصح بالترطيب مرتين يومياً على الأقل، خصوصاً بعد الاستحمام.
ولا يمكن الحديث عن الوقاية دون التطرق إلى الحماية من الشمس، فهي ليست رفاهية بل ضرورة طبية. فالتعرض المزمن لأشعة الشمس يُسرّع من شيخوخة الجلد، ويزيد خطر الإصابة بالبقع الداكنة والتصبغات والسرطان الجلدي. لذلك يجب استخدام واقٍ شمسي بمعامل حماية لا يقل عن SPF 50، وتجديده كل ساعتين عند التعرض المباشر. كما أن ارتداء القبعة والملابس القطنية الفاتحة يُعدّ خطوة وقائية إضافية.
ومن أبرز مسببات الأمراض الجلدية أيضاً العدوى الفطرية والبكتيرية، والتي تنتشر خاصة في الأجواء الحارة والرطبة. للوقاية منها، يجب تجنب تبادل المناشف وأدوات الحلاقة والملابس، والحفاظ على جفاف الجلد في المناطق الحساسة، بالإضافة إلى ارتداء ملابس قطنية تسمح بتهوية جيدة. كما يُنصح بتغيير الملابس فور التعرّق الشديد، لأن الرطوبة الدائمة تُعتبر بيئة خصبة لنمو الفطريات.
ولا نغفل كذلك أهمية التغذية السليمة، فهي انعكاس مباشر على صحة الجلد. فالأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الفواكه والخضروات، والدهون الصحية مثل الأوميغا 3، تساهم في تعزيز مناعة الجلد وتقليل الالتهابات. كما يجب شرب كميات كافية من المياه للمحافظة على رطوبة الجلد الطبيعية.
كما تُعدّ الصحة النفسية جزءاً أساسياً من الوقاية، إذ ترتبط حالات التوتر والقلق بزيادة انتشار بعض الأمراض مثل الصدفية، والثعلبة، والأكزيما. لذلك يُنصح بممارسة النشاط البدني، وتقنيات الاسترخاء، واتباع نمط نوم صحي للحد من تأثير التوتر على الجلد.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الكشف المبكر هو المفتاح لتجنب تطوّر كثير من الأمراض الجلدية. فعند ملاحظة أي تغيّر غير طبيعي مثل ظهور شامة جديدة، أو طفح جلدي مستمر، أو حكة مزمنة لا تتحسن، يجب مراجعة الطبيب المختص وعدم الاعتماد على الوصفات العشوائية أو تجارب الآخرين التي قد تزيد المشكلة تعقيداً.
أخيراً، الوقاية ليست سلسلة من الخطوات المعقدة، بل هي أسلوب حياة يراعي احتياجات الجلد ويحميه من المسببات اليومية للأمراض. والجلد – بقدر ما يحمينا – يحتاج منا إلى الحماية والمتابعة. ومع الالتزام بهذه الإرشادات، نضمن لأنفسنا بشرة صحية، قوية، ومحصّنة ضد كثير من المشكلات.