في الأسبوع العالمي للريادة التوجيهات الملكية السامية خارطة طريق لتحويل الأفكار إلى مشاريع ريادية

3٬554

 

المرفأ- بقلم: الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد الرواشدة
مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية

في إطار احتفال العالم بالأسبوع العالمي للريادة، نستحضر توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – حفظه الله ورعاه – التي شكّلت عبر السنوات بوصلة وطنية واضحة لدعم القطاع الزراعي، وتعزيز دوره في تحقيق الأمن الغذائي، ورفع تنافسيته، ليكون إحدى الركائز الأساسية في رؤية التحديث الاقتصادي ومحورًا رئيسيًا في منظومة التنمية المستدامة.

لقد وضع جلالته من خلال رؤاه السامية خارطة طريق عملية لتحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع ريادية قادرة على خلق فرص اقتصادية جديدة، وتعزيز مرونة القطاع الزراعي، وتوسيع قاعدة الابتكار، بما ينسجم مع متطلبات الاقتصاد الحديث القائم على المعرفة والتحول الرقمي.

وانطلاقًا من هذه الرؤى الملكية العميقة، يواصل المركز الوطني للبحوث الزراعية دوره كمؤسسة وطنية رائدة في البحث والتطوير الزراعي، تعمل على توظيف العلم والتكنولوجيا والابتكار لخدمة التنمية الريفية وتمكين المزارعين والشباب من دخول عالم الريادة الزراعية بثقة. وجاءت حاضنة الابتكار وريادة الأعمال الزراعية لتكون منصة وطنية متقدمة تتبنى الأفكار الريادية، وتحوّلها إلى نماذج عمل قابلة للتطبيق، من خلال برامج تدريبية متخصصة، وإرشاد علمي ممنهج، ودعم فني وإداري يواكب أحدث الممارسات العالمية.
لقد أصبح الابتكار اليوم لغة الاقتصاد العالمي ومحركه الأساسي، وركيزةً جوهرية لخلق منتجات جديدة تعزز القدرة التنافسية للقطاع الزراعي. وفي هذا الإطار، يتبنى المركز الوطني نهجًا متقدمًا قائمًا على ريادة الابتكار وتسريع التكنولوجيا الزراعية عبر دعم الأفكار القائمة على الزراعة الذكية، والتحول الرقمي، وحلول البيانات الضخمة، واستخدام الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الزراعة الدقيقة، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب الريادي لتطوير مشاريع ذات قيمة اقتصادية ومجتمعية عالية.
ويعمل المركز أيضًا على بناء منظومة ابتكار متكاملة، تضم الباحثين والمزارعين والرياديين والمستثمرين، وتُشكل بيئة خصبة لتبادل المعرفة وتصميم حلول فعالة لمواجهة تحديات القطاع الزراعي، مثل تغيّر المناخ وشح المياه، وتعزيز الإنتاجية، وتنويع المحاصيل، ودعم الأمن الغذائي. وتؤدي الحاضنة دورًا محوريًا في تحويل البحث العلمي إلى منتجات قابلة للتسويق، عبر خدمات النمذجة الأولية، ودراسات الجدوى، وتطوير نماذج الأعمال الحديثة، وتسويق الابتكارات، بما يسهم في إنشاء شركات ناشئة زراعية واعدة.

إن ما نشهده اليوم في مشروع حصاد الكركم لا يمثل مجرد نجاح لمحصول جديد، بل هو قصة نجاح ريادية مكتملة الأركان، بدأت بفكرة جريئة، ثم تطورت عبر سلسلة من الدراسات العلمية والتجارب المخبرية والحقلية، وانتهت إلى نموذج إنتاج وتسويق يُحتذى به. هذا الإنجاز يجسد التكامل الحقيقي بين الباحثين في المركز الوطني، وخبرة الرياديين، ومساندة الحاضنة، ليؤكد قدرة الريادة الزراعية الأردنية على تحويل التحديات إلى فرص اقتصادية مبتكرة.

ويبرهن هذا النجاح أن القطاع الزراعي الأردني يمتلك إمكانات واسعة للابتكار، وأن تعزيز الشراكات بين المؤسسات الوطنية والمزارعين والقطاع الخاص يشكل بيئة خصبة لريادة الأعمال، قادرة على إنتاج مشاريع نوعية تُسهم في نمو الاقتصاد الوطني ودعم قدرته الإنتاجية.

كما نؤكد في هذه المناسبة أن المركز الوطني للبحوث الزراعية سيبقى الداعم الأول للمشاريع الريادية الزراعية، من خلال التجريب التطبيقي، ونقل التكنولوجيا، وتعزيز الابتكار، وتوفير بيئة بحثية محفزة تُساعد الرياديين على تحويل ابتكاراتهم إلى قيمة مضافة حقيقية.

إن نجاح هذا المشروع يسلّط الضوء على أهمية الاستثمار في رأس المال المعرفي، ويؤكد أن دعم الشباب الريادي هو استثمار مباشر في أمننا الغذائي واقتصادنا الوطني ومستقبل أجيالنا. فالريادة اليوم ليست خيارًا إضافيًا، بل أصبحت ضرورة تنموية لخلق اقتصاد أكثر مرونة واستدامة قائم على المعرفة والتكنولوجيا والابتكار.

ختامًا، نؤمن أن الأردن قادر على أن يكون مركزًا إقليميًا للابتكار الزراعي، وأن أبناءه قادرون على قيادة التغيير وصناعة مستقبل أكثر ازدهارًا. ونسأل الله أن يبارك في هذه الجهود، وأن يحفظ وطننا الغالي، ويديم عليه نعمة الأمن والازدهار في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حفظهما الله ورعاهما

قد يعجبك ايضا