انا لاجئ مثلكم … بقلم رانيا حدادين

747

الصمت .. فن عظيم من فنون الكلام في حضرة قامة وطنية تذيب العقبات أمام من يلتجئ لها ، ،، الشهرة
تحتاج من الصبر والحكمة والتدريب والتجربة لترويض الانسان وضبط الانفعالات الكثيرة التي يتعرض لها فهي سيف ذو حدين اما ان ترتفع بتواضعك واما ان تسقط سهواً بعين الاخرين لأنك متعالي وهنا من رغِب باحترافِه عليه التحمُّل بادئ الأمر فلكل شيء ضريبة، الدكتور طلال اليوم ومن خلال جولتي معه في مخيم الزعتري وضعني برواية اعجز على وصفها .
من هذا الرجل ؟! وكيف يتعاطى مع الجميع وكأنه شخص عادي ؟!
، يهتم بتفاصيل صغيرة وبكل الاشخاص كالأب الراعي وليس كمسؤول متنفذ لدية سلطة الجاه والمال، يحاور ويمازح وينتشي بمداعبة الاطفال ورعاية الكبار ، لا يخجل من طرح معاناته امام الجميع بقوله انا لاجئ ، معطفي خشن لا تستطيعوا حمله اعدّدت لكم ما يناسب نعومة اجسادكم البريئة،
جملة استوقفتني،،،يبتسم ويقول (لا تحزن الحزين لا ينجح ، مع الفرح يأتي النجاح )

، تحتار انت في تجوالك معه لسرعة البديهة والكم الهائل من المعلومات التي يقدمها وقرارته حازمة وجاهزة بلحظتها دون أن يفكر بها مسبقاً.

كانت زيارته الاولى للمخيم مليئة بالمحبة التي زرعها في قلوبنا قبل قلوب الاطفال، اهدانا الشعور بالأمان والامن لما رأيناه من معاناة شعب تربى على خيرات الوطن الطبيعية ، ومساحاته المنعشة للقلب .
كارثة اللجوء وشعوره بهم لنفس التجربة التي تعرض لها بطفولته تجعلك تدرك ان المعاناة قيمة تنتج قامة ، لا انكر صعوبة الوضع والحركة والضوابط عليهم بهدف تحقيق الامان ، الكثير من المعاناة بداخل هذا السور الامن والمخيف بنفس الوقت ، مجرد أن تتخيل نفسك ضمن هذا الاطار تشعر انك مغلق هدفك الوحيد ان تأكل وتنام وتنال القليل من الحقوق، سمعت الكثير من المشاهير تحدثوا انهم محظوظون بنعيم لقمة العيش دونا عناء ولكن عندما تدرك الامر تجد انهم المنكوبون وتحترق من داخلك لكمية النقص لديهم مقارنة مع ما لدينا من رفاهية ، كلمة اطلقتها احدى الفتيات المرافقات لنا ( نحن في الجنة ) وهذا الشعور ينبض به قلبك من شدة الحزن على وضع اطفال بعمر الزهور مغيبون عن عالم المعرفة الذي قرر طلال ابو غزالة إقامة مركز للمعرفة داخل المخيم ، لا احبذ كلمة المخيم مع انها واقع ولا أفضل التعامل معهم كضيوف ونحن عرب أخوة ، الكهرباء وصعوبة توليدها وضعف تواجدها كانت من الاولويات التي تابعها أبو غزالة ،،،
طلال أبن أديبة كان عنوان كتاب عن معاناة هذا الطفل اللاجئ الذي قدمه للأطفال ليخبرهم انه عانا كما يعانون ولن تتوقف الحياة عند هذه المرحلة فالحالمون هم النجاة في عالم السرعة .
ادركوا من حكمته ان النجاح رؤية يجب أن نضعه أمام اعيننا ونرسم طريق لتحقيقه ، كمية السعادة التي رسمها على وجهه رغم قساوة الالم في داخله وكأن الايام اعادته لطفولة مؤلمة اجتازها ببراعة ويهديها لكل محتاج ،،، ذاك المعطف الخشن الذي هو عنوان مكتبه الرئيسي اشعره اليوم ببرد الاحتياج من الاطفال اليه وادركهم ورغم كل ما قدم من عناوين كبيرة لإنجازها داخل المخيم لكن أتوقع المزيد لما رأيت في عينية من محبة ووجع ،،، انحني احتراما لك سيدي لما اهديتني من لحظات جميلة ودروس في الحياة يدركها من يمشي بجانبك ،،، رعاك الله

 

 

قد يعجبك ايضا