ابتعدوا عن أموال الضمان…سلامة الدرعاوي

958

سؤال الحكومة حول صلاحيات القرار الاستثماري في صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي كان أمرا مريبا ومثيرا للتساؤل من قبل الشارع، ورغم أن إجابة ديوان التفسير جاءت منطقية ضمن ما هو معروف لدى الشارع من أن مجلس الإدارة الخاص بالصندوق هو صاحب القرار؛ إلا أن الأمر لن يقف عند هذا الحد بالنسبة للشارع.
استياء الشارع من تصرف الحكومة جاء لأنه يفتح باب التأويل حول الأسباب التي دفعت الحكومة لمثل هذا السؤال في هذا الوقت تحديدا، وكأن الأمر يسير باتجاه شرعنة التدخل الحكومي في القرار الاستثماري للضمان.
في الحقيقة؛ إن مسألة استقلال الضمان وقراره الاستثماري هي محل جدل على الدوام، ولم تكن واضحة سوى بالقانون أو من الناحية النظرية فقط لا غير، أما من الناحية العملية فالتاريخ شاهد على تدخلات سافرة من قبل مختلف الجهات الرسمية ليس فقط بالقرار الاستثماري، وإنما امتد لكافة الأنشطة لصندوق الضمان من تعيينات وتنفيعات لأصحاب النفوذ.
باستثناء الشريف فارس شرف؛ نستطيع القول أن جميع مدراء صندوق استثمار أموال الضمان خضعوا لضغوطات من قبل جهات مختلفة، لكنها كانت متباينة من مدير لآخر، فبعضهم لم يخضع سوى للرئيس أو لموابيل من قبل الأخير، وبعضهم كان أقل مستوى من ذلك وخضع لوزير العمل أو للمالية في الحكومات المختلفة، لا بل إن بعضهم خضع لضغوطات رجال الأعمال.
محاولات الحكومات التدخل في القرار الاستثماري للضمان لم تنتهِ أبدا منذ تأسيسه، وكانت هناك محاولات على الدوام بالاعتداء على أموال ومدخرات الأردنيين من خلال زج الضمان في مشاريع وسياسات تحت شعارات تنموية مختلفة مثل سكن كريم وشراء سفارات ومنازل للسفراء في الخارج وغيرها من الأفكار والمشاريع التي ثبت عدم نجاعتها، وأن القصد منها هو توفير غطاء مالي للمشاريع الحكومية الفاشلة التي استنزفت الكثير من مدخرات الأردنيين في الضمان مثلما حدث في مشاريع سرايا والعبدلي غيرهما.
أصلا باب التدخل الحكومي في الضمان والصندوق الاستثماري مفتوح على مصراعيه بحكم القانون الذي يعطي صلاحيات التعيين لكافة الإدارة العليا ومجالس إدارات المؤسسة العامة للضمان والصندوق الاستثماري بيد مجلس الوزراء لا غير.
طبعا أموال الضمان محل اهتمام الفريق الاقتصادي الذي أدار الاقتصاد الوطني خلال السنوات الماضية، والذي استطاع أن ينجز برنامج التخاصية بكل سلاسة عبر مختلف الحكومات، وأضاع فرصا اقتصادية كبيرة لتعظيم الاستفادة من الأصول الوطنية التي تم بيعها، لا بل إنه بخّر حتى عوائد التخاصية من خلال صفقة نادي باريس المشؤومة التي أضاعت كل عوائد التخاصية بعملية شراء ديون خارجية غير رشيدة وغير مدروسة في وقتها.
اليوم يجد ذات الفريق سواء أكان في الحكومة أو خارج الحكومة فرصته الوحيدة لتوفير أموال مشاريعه من خلال الضمان الاجتماعي الذي تناهز موجوداته ال8 مليار دينار وهو ما يثير لعاب كل مسؤول يريد تغطية فشله الإداري.
أموال الضمان هي خط أحمر ونهائي بالنسبة للأردنين ولا يقبل أبدا التهاون في التعامل معها، لذلك من واجب جميع المسؤولين في الحكومة واعضاء مجلس الامة والجهات الرقابية المختلفة حماية هذه المدخرات التي هي صمام الأمان والاستقرار ليس للأردنيين فقط، وإنما للمملكة عامة.
Salamah.darawi@gmail.com

 

قد يعجبك ايضا