ماذا عن اليوم التالي للضربة الأمريكية؟ … فهد الخيطان
يبدو أن المحترفين من القادة العسكريين في البنتاغون، نجحوا حتى الآن في كبح جماح رئيسهم “ترامب” المندفع لتوجيه ضربات صاروخية “جميلة وذكية” لمواقع النظام السوري.
بعد سلسلة من التغريدات للرئيس الأمريكي قبل يومين، توقع المراقبون ضربة جوية وشيكة على سوريا، لكن اجتماعا مطولا في البيت الأبيض، أول من أمس، أجل انطلاق الصواريخ إلى إشعار آخر.
وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بدا متشككا وحذرا. وحسب تقارير غربية، طالب ماتيس أركان الإدارة الأمريكية بتوفير أدلة قاطعة على استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية في هجومه على بلدة دوما.
المخاوف من عمل عسكري متسرع يقود لمواجهة مفتوحة مع روسيا، كانت من بين العوامل المثبطة لجموح ترامب العسكري. الميدان السوري متخم بقوات من جنسيات متعددة، والروس على ما تقول التقارير الاستخبارية الغربية يوجدون في أغلب القواعد العسكرية السورية، وإذا ما طالتهم الصواريخ الأمريكية، فإن ذلك قد يطلق شرارة حرب كبرى تخرج على السيطرة.
والإشكالية الكبرى في نظر حلفاء لواشنطن هي افتقار إدارة ترامب لأجندة سياسية واضحة في سوريا. ماذا عن اليوم التالي للضربة العسكرية؟ هذا هو السؤال المهم من وجهة نظر دول على صلة وثيقة بالأزمة السورية.
بعد الضربة الأمريكية لإحدى القواعد الجوية السورية العام الماضي، وعلى خلفية اتهامات باستخدام الكيماوي، تخلفت واشنطن عن ممارسة أي دور سياسي فعال في الأزمة السورية، على العكس تماما تنامى نفوذ روسيا وإيران، وتمكن الجيش السوري من تحقيق انتصارات متتالية على جميع الجبهات.
أثبتت تلك التطورات، أن التدخل العسكري الغربي في سوريا فات أوانه ولن يجدي في الحسم، باستثناء نجاحه في تحطيم بنية دولة “داعش” الإرهابية.
وفي مرحلة متأخرة، بدا أن إدارة ترامب قد اكتفت بهذا الإنجاز في سوريا والعراق، وتنوي ترك المسرح للاعبين الروس والإيرانيين والأتراك.
بيد أن الأسابيع الأخيرة، حملت تطورات مفاجئة تمثلت بالأزمة الدبلوماسية المشتدة بين بريطانيا وروسيا، بعد تعرض عميل روسي سابق وابنته لعملية تسميم بالغازات السامة في قلب لندن.
وجهت بريطانيا الاتهام رسميا لروسيا وانضمت إليها دول غربية عدة، واتخذت مجتمعة سلسلة من العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية بحق موسكو.
يبدو أن لندن المستفزة من السلوك الروسي، وجدت في كيماوي دوما فرصة للانتقام من روسيا ولكن بطريقة غير مباشرة. ولذلك سارعت منذ البداية إلى تحريض واشنطن على شن عمل عسكري لمعاقبة موسكو، وأعلنت رئيسة الوزراء تريزا ماي، استعداد بلادها للمشاركة الفعالة في العملية العسكرية من دون استشارة مجلس العموم البريطاني، وأمرت إحدى غواصاتها بالتحرك صوب “المتوسط”.
مع أن التقديرات الأولية تفيد بأن الضربة العسكرية المحتملة لسوريا ستكون أوسع نطاقا وأكثر فتكا من الضربة الصاروخية للمطار السوري في العام الماضي، إلا أن المحصلة السياسية للعمليتين لن تنطوي على فروق جوهرية كبيرة. في الأساس لم يعد هناك جسم متماسك للمعارضة السورية يمكن التعويل عليه للوصول لصفقة سياسية. والنتيجة الوحيدة لعمل عسكري جديد، هي مزيد من التصلب الروسي في سوريا، والتنصل نهائيا من الالتزامات التفاوضية لمسار جنيف المتعثر.
الغد الأردنية