المطلوب من الحكومة أن تحمي الاقتصاد المحلي

448
فارس حمودة
المرفأ.لعل أزمة كورونا الاقتصادية العالمية قد جاءت لتحرك الوضع الراهن في الاقتصاد الاردني والذي يعاني منذ عامين من أزمة سيولة رافقتها سياسة نقدية انكماشية و سياسة مالية لم تواكب الاقتصاد المتراجع.

بينما أكثر ما يقلق الخبراء الاقتصاديين من جائحة كورونا هو التراجع الكبير للطلب الكلي نتيجة صدمات عميقة لقطاعات السياحة و النقل و بيع التجزئة، إلا أن التحدي الأبرز يكمُن في الآثار المترتبة على الحسابين الجاري و المالي في ميزان المدفوعات العامة في الأردن، والذي يعاني من اختلالات هيكلية بسبب عجز الميزان التجاري السلعيّ برقم يتجاوز ال ٧ مليار دينار سنويا.

لطالما كان عجز الميزان التجاري أمرًا مؤرقاً ساهم في إغلاق العديد من الصناعات الاستراتيجية و رفع نسبة البطالة فالأصل هو عدالة التجارة وأن تبنى التبادلات الدولية عبر قنوات متوازنة وفق معايير العولمة السليمة و ليس عجزا كبيرا كما هو حالنا في الأردن.

المطلوب من الحكومة أن تحمي الاقتصاد المحلي لتخرج من أزمة كورونا العالمية بأقل الخسائر ، حيث أن تراجع تدفقات رأس المال الخارجية سيعمق الاختلالات ما بين طرفي معادلة الادخار الكلي من جهة و الاستثمار المحلي و صافي تدفق رأس المال في الجهة المقابلة ؛ أي أن تدفق رأس المال السالب سيتعمق ليحتاج الى تمويل خارجي يغطي شراء أصول محلية و هذا سيناريو أبعد ما يكون عن الواقع الاقتصادي العالمي.

لذا فإن الاختلال الكبير في ميزان المدفوعات يتطلب علاجا فوريًا لعجز الميزان التجاري السلعيّ وذلك بوقف فوري لاستيراد أي سلعة يتم إنتاجها أو تصنيعها في الأردن بشكل كاف أو تمتلك قدرات إنتاجية غير مستغلة. هذا القرار المهم لن يتم الا بقرار سياسي يهدف للحفاظ على الاقتصاد الوطني و يعمل على تعظيم القيمة المضافة عبر سلسلة الانتاج و توسيع القاعدة الإقتصادية ليساهم في إعادة توطين العمالة من قطاعات أخرى تأثرت بأزمة كورونا. كما يجب إيقاف استيراد السلع الكمالية لآخر العام مثل المركبات الصغيرة و ذلك لتعويض جزء من الفجوة في تدفقات رأس المال.

إن تخفيض استيراد ما يتم تصنيعه في الأردن سيتم تعويضه محليا و سيحد من تراجع مستويات النمو الاقتصادي كما أنه سيمتص نسبة كبيرة من العمالة المحلية.

ختاما، قد لا يكون عجز الميزان التجاري مشكلة بحد ذاتها لبعض الدول الكبرى ، لكنه في الدول المحدودة الموارد قد يصبح عارضًا مرضيًا لاختلالات هيكلية مخفية. هناك فرصة تاريخية للاقتصاد الأردني بتخفيض عجز الميزان التجاري السلعي إلى أقل من ٤ مليار دينار وإعادة بناء اقتصاد الاعتماد على الذات.

قد يعجبك ايضا