الربيحات يكتب: سيادة البندورة

380

المرفأ…“انا البندورة الحمرا.. مزروعة بين الخضرة.. تاكل مني تا تشبع.. وتصير خدودك حمرا ” هذه الكلمات لأغنية قنوات الأطفال التي رددها الكبار وافرطوا في زراعة البندورة صيفا واغرقوا وحدات الاغوار الزراعية بشجيراتها المعلقة والارضية حتى لا يخذلوا الاسواق ولا يتوقف الباعة المتجولون في الاحياء عن المناداة بمكبرات الصوت على صناديق المعلق والمنسدح منها بدينار الصندوق.

حتى الأسبوع الأخير من شهر اذار كانت البندورة الحمرا قد اغرقت أسواق مدننا وقرانا لدرجة انك تجدها ملقاة على الطرقات في الاغوار او مكدسة على معالف الماشية في الأرياف والضواحي.

في كل لقاء او بحث للسياسات الزراعية تجد المزارعون يشكون من تضاعف خسائرهم وفقدان الكثير منهم للموارد التي تمكنهم من الاستمرار في ظل تدني مستوى الأسعار .

لم يشفع للبندورة حمرتها ولا عراقة علاقتنا بها ولا حتى غزل المشاهير بقلايتها التي أصبحت ملمحا من ملامح ما ينشره المتنزهون او يتحدث عنه المغامرون في رحلاتهم المصورة فقد بقيت أسعارها تتدحرج لدرجة لا احد ممن يزرعونها قادر علي تعويض حجم المصاريف التي انفقها علي زراعتها التي لا يعرف اسبابا لتكررها برغم معرفته المسبقة بخسارته المحتملة.

منذ أيام ولأسباب ترتبط بتحولات الطقس وخلخلة الأسواق شهدت اسعار الخضار ارتفاعا مفاجئا ومجنونا ولد الصدمة لدى الكثيرين ممن وجدوا في البندورة شريكا وحليفا دائم الحضور وسهل المنال. بين يوم وليلة ارتفع سعر صندوق البندورة الى سبعة اضعاف ما كان عليه واصبح من الصعب على الذين اعتادوا على وجودها في غالبية اطباق وجباتهم الصباحية والمسائية الحصول على الكميات التي يحتاجون لها بالتكلفة التي اعتادوها.

التخمينات التي يتداولها الناس حول ارتفاع أسعار الخضار متعددة ومعقولة لكن المدهش في كل ما يجري تجاهل المستهلك لحاجة المنتج الى ان يكون انتاجه مجديا… و ما قد يعوضه عن خساراته المتراكمة طوال اشهر الإنتاج.. الأسعار التي كانت تباع فيها الخضار عامة والبندورة بشكل خاص اسعار لا تغطي اثمان العبوات ولا أجور القطاف.. والسعر الجديد للبندورة ليس هو السعر الأنسب بالتأكيد ففيه الكثير من المبالغة.

من المهم ان نفكر دائما بما هو عدل وما هو منصف وما هو صحيح سواء كان الموضوع يخص ام القلايات او الحقوق والعلاقات التي نقيمها في مجتمعنا فكلنا شركاء في الموارد والعوائد والمكاسب والمغارم.

فيما يخص البندورة علينا زراعة ما يكفي السوق وضمان حصول المزارع على كلف الزراعة وهامش الربح المعقول وان نتوقف عن الهدر والترف الذي لا يبرره واقعنا الاقتصادي الصعب.

قد يعجبك ايضا