دعم قطاع الصناعة : د. خالد واصف الوزني

456
د. خالد واصف الوزني
وكالة المرفأ : دعم القطاع الصناعي قضية ذات مغزى واهتمام من شتى دول العالم المتقدمة منها قبل النامي، ولعلَّ من يجهل أهمية قطاع الصناعة يؤذي اقتصاده وبنيته التحتية وأهم مقومات عيشه؛ فقطاع الصناعة يتميز بأربع سمات أساسية؛
أولاً: هو القطاع الذي لا مجال له إلا أن يستخدم قيمة مضافة محلية من الدولة التي يعمل بها، وذلك حتى يعدُّ صناعة وطنية، والقيمة المضافة المحلية تعني استغلال موارد الدولة من طاقات بشرية، ومن مواد خام، ومن موارد طبيعية مهما كان مستوى جاهزيتها.
ثانياً: قطاع الصناعة يقوم أساساً على تلبية احتياجات الدولة التي يعمل فيها، وبالتالي فهو جزء من مستوى استقلالية الدولة وقدرتها على الصمود أمام أي أزمات اقتصادية أو سياسية تمنع عن الدولة احتياجاتها، أو تحرمها من مقدرات ومتطلبات العيش الكريم.
ثالثاً: قطاع الصناعة يكاد يكون هو القطاع الوحيد الذي تتلاقى مصالحه ومصالح القائمين عليه مع المصالح الوطنية وتتماها معها تماما. ومن هنا، فهو القطاع الذي يجوب القائمون عليه العالم لفتح قنوات التصدير وفتح أسواق جديدة، وهذا يعني إستفادتهم زيادة العائد على استثماراتهم، إلا أنه يعني ايضاً جلب عملات أجنبية من ناحية، أي تقوية الاحتياطيات الأجنبية، وبالتالي دعم قيمة العملة المحلية والاستقرار النقدي في الدولة، ومن ناحية أخرى فإنَّه كلما زادت الصادرات زاد الطلب على المنتجات، وبالتالي زاد الطلب على التشغيل وفتح الوظائف للمواطنين.
وأخيراً وليس آخراً، قطاع الصناعة هو الرابط الأكبر مع قطاعات الدولة الأخرى، فهو رابط اقتصادي أمامي لقطاع الزراعة، عبر تصنيع منتجاته أو عبر تحوليها إلى مدخلات إنتاج لغيرها من السلع، فالبندورة لن تتحول الى رُب البندورة من دون الصناعة، والذرة لن تكون زيتاً من دون الصناعة، وهكذا. فقطاع الصناعة هو المجال والفضاء الذي ينمو عليه ويتوسَّع من خلاله قطاع الزراعة، كما أنه القطاع الذي يرتبط كليا مع قطاع الخدمات، من خلال تشغيل قطاع النقل، وقطاع البنوك، وقطاع الخدمات الحكومية، وغيرها من القطاعات الخدمية لغايات تحقيق أهداف واستغلال إمكانات هذا القطاع. دول العالم أجمع، وعلى راسها ألمانيا مثلاً، تدعم قطاع الصناعة بالطاقة، ألمانيا تزوّد قطاع الصناعة بالطاقة بخصم يصل إلى نحو 50% عن تسعيرة الاستهلاك المنزلي، وهو أمرٌ تُطبّقه شتى دول العالم.
أختم بالقول: إنَّ صانع القرار في الأردن يجب أن يعمل على إحياء دور قطاع الصناعة في الدولة، وعلى العمل مع ذلك القطاع بشكل حثيث ومع القائمين عليه لتوفير سبل إعادة إنعاش مكانته في الاقتصاد الوطني. قطاع الصناعة الأردني يقوم عليه نخبة من الصناعيين القادرين على العمل مع الحكومة، لإنقاذ القطاع وتطوير قدراته دون مصالح شخصية ودون الحاجة إلى الجلوس في مناصب وزارية. أتمنى أن تعمل الحكومة مع هذا القطاع بجد وجدية، فهو أحد أهم مخارج ما نحن فيه من تباطؤ اقتصادي، وتحديات مالية ونقدية.

قد يعجبك ايضا